"لا شيء يمكن أن يحدث مرتين،
ونتيجة لذلك، من المؤسف في هذا الواقع
أننا نأتي إلى هنا ارتجالًا،
ونغادر دون أن نحظى بفرصة الممارسة."
- لا شيء مرتين للشاعرة البولندية ڤيسواڤا شيمبورسكا 🇵🇱
زيارتي الأولى لبولندا ولمدينة كراكوف تحديدًا، كان من الطبيعي أن أتعرف على أعمال شاعرة بولندا الفائزة بجائزة نوبل في الأدب، والتي ينطبق عليها وصف أستعيره من عنوان رواية للأديب كازوو إيشيجورو: فنان من العالم الطليق. عاشت شيمبورسكا هنا لعقود وماتت هنا بعد صراع مع المرض. عاشت طويلًا وأبدعت كثيرًا.
استوقفتني مقاطع كثيرة في ديوان الشعر الذي قرأته (ترجمة يوسف حنا)، فانطلاقًا من فلسفة مفادها أن العالم دائم التحول بما لا يسمح باختبار ذات اللحظة أو ذات الشعور أو حتى ذات المكان مرتين بالكيفية نفسها، تنطلق شيمبورسكا في رحلة شعرية ترصد من خلالها أثيرية العالم حيث "الحياة تتدحرج" وكأنها كرة تقفز هنا وهناك دون أن تحط في ذات الموقع مرتين.
لا يخفى على القارئ حس السخرية الذي تطفح به الأشعار، ولكنها سخرية غير عدمية، تنافي التهكم وتدعو المرء لتقبل "ملهاة" الحياة والتكيف مع استحالة استدامة أي ظرف إنساني. تحشد شيمبورسكا عديد الوقائع التاريخية والمآسي بلغة مباشرة، ولعل أكثر ما أدهشني في أشعارها قدرتها على القَص، فليس كل الشعراء حكائين، إذ تقهرهم الرغبة في إبراز الطابع الشعري لما يكتبون. أشعار شيمبورسكا تطرح أسئلة وقضايا قد تبدو ساذجة، ولكن على حد تعبيرها، تلك هي الأسئلة الأكثر إلحاحًا.
#Camel_bookreviews