دار خولة > مراجعات رواية دار خولة > مراجعة Mahmoud Nabel

دار خولة - بثينة العيسى
تحميل الكتاب

دار خولة

تأليف (تأليف) 3.7
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

انتهيت من قراءة «دار خولة» وأنا مثقل بضيقٍ شديدٍ وكأنني خرجت منها محمّلًا بمرآةٍ تُريني واقعًا نعيشه بكل تفاصيله القاسية. شعرت أن أحداث الرواية تلتصق بنا حدَّ التماهي، حتى منحتني فرصةً لأتراجع خطوةً إلى الوراء وأتأمل من موقع المتفرّج الخارج عن الصورة.

في نظري، تمثّل الأم في هذه الرواية الإرث التاريخي والحضاري الضاغط علينا جيلاً بعد جيل؛ هذا الإرث الذي كثيرًا ما يكون عبئًا خانقًا، إذ لا نحلّله أو نواجهه بوعي كافٍ، بل نبقى أسرى لهالته اللامعة، تلك الهالة التي صنعها تفوّق حضارتنا في أزمنة مضت. يزيد الطين بلّة أننا فقدنا القدرة على الهضم الواعي، سواء للقديم أو للحديث، فصرنا نبتلع كل شيء بنهمٍ أعمى حتى صار هذا النهم هدفًا بحدّ ذاته. وهكذا أصبحت معارفنا سطحيّة بلا جذور ولا أسس ولا مرتكزات راسخة، وكل شيء بات عرضةً للتبديل والتحوير.

أما ناصر فلا يحتاج إلى كثير تأويل: إنه يمثّل النسخة المتطرّفة من المسوخ التي تتزيّا بزيّ العلم والمعرفة، وهو في قرارة نفسه يدرك هشاشته وجهله، غير أن ذلك لا يعني له شيئًا طالما أن الصورة البراقة والهيئة المصطنعة تُقدَّم للمجتمع في قالبٍ خادع. ففي نهاية الأمر، المجتمع لم يعد معنيًّا بالقيمة أو العمق، بل صار يبحث عن كل ما هو لامعٌ وجذّابٌ وسهل الهضم في «ريلز» مدّته ثلاثون ثانية، وما دون ذلك فلا يلتفت إليه أحد.

وأما يوسف، فهو تجسيدٌ لإنسانٍ وجوديٍّ يذوب في الماديّات واللحظة الحاضرة بكل كيانه، يراها بلا معنى، ويرى أن البحث عن معنى الوجود ضربٌ من العبث وإهدارٌ للوقت، مع حرصٍ متوارثٍ على إبقاء الأمور على حالها دون تغيير.

إن «دار خولة» ليست مجرّد روايةٍ تُروى، بل مرآةٌ موجعةٌ تضعنا أمام أنفسنا بلا زيف، لتكشف هشاشتنا الثقافية والاجتماعية، وتُعيد أسئلتنا الكبرى إلى الواجهة: من نحن؟ وماذا نفعل بكل هذا الإرث المكدَّس؟ وهل نملك شجاعةَ الفهم قبل الادّعاء؟

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق