رواية نفسية تأخذنا إلى عُمق نفس الشخصية الرئيسية وإلى داخل عقلها، من لحظة مأساتها الأولى التي جعلت نظرتها مشوّهة لكل شيء وشخص حولها، إلى أن أصبحت شخصًا يعيش رهن إشارة سُخطٍ تجذر داخل عقلها يأمرها لتُعاقب كل من ترى فيه إزعاجًا يُحرّك حقدها من مكانه، من كان له علاقة بمأساتها الأولى وحتى الذي لم يكن له ولكن ذكرها بها.
كرواية كانت رائعة، وأعجبني جدًّا ربط الجانب السيئ من تفكيرها بالغراب، وربط علاقتها بالقتل بقابيل، فكأن قابيل كان حيًّا فيها وهو من قادها للقتل هو وغرابه الذي علمه الدفن، فكانا رفيقا جُرمها، حين كانا صورة التشتت والضياع داخل دماغها والتي سيطرت عليها وعلى جانب الإنسان السليم فيها.
عرضت الرواية توابع جريمة شنعاء جدًّا والأبشع أن تكون من مُحيط الفتاة الأقرب الذي من المفترض أن يكون الأمان، أن تتعرض طفلة لكل هذا السوء ولا يكون لديها فكرة كيف تواجه كل هذه المرارة وكيف تتعامل معها ولا مع المعتدي، يجعلها تكبر وهي لا تعرف كيف تواجه نفسها أولًا قبل مواجهة أي شخص آخر، كان عرضًا أليمًا لتخبّط تلك الطفلة التي بقيت في عمر الطفولة ولم تكبر أبدًا، لا زال الجرح فيها يُنكأ باستمرار ولا يُشفى أبدًا، وأصبحت هي ذلك الشر الذي لم تستطع مواجهته فانساقت خلفه لتصبح هي الأخرى مُجرمة من نوع آخر.
لم يُعجبني في الرواية الوصف المُقزز لبعض اللحظات السيئة جدًّا، ولم يُعجبني إضافة الشذوذ ولا الخوض فيه، وبالعموم لا أحب هذا النوع من الروايات الذي يجمع بين الوجع وتبعاته ويغمسنا في الواقع بأبشع شكل.