"حين ظهر في ساحة البيت، دارت الطبول والأناشيد والزغاريد. لم ينتبهوا إلى اختفائه، ولم يفهموا أنه كان يختبئ منهم. (…) وجاء ثلاثة شبان فرفعوه وأشرفوا به على الجماعة، وهو الذي كان في أشدّ حرجه، رُبط لسانه، ولم يجد مخرجًا إلا أن يرفع يديه ويهزهما." - الشيخ الأحمر لعباس بيضون 🇱🇧
يحمل هذا العمل أصداء من حياة المثقف اللبناني الذي أبدعه، والذي ألّف أعمالًا أخرى ما بين الرواية والشعر. تستعرض الرواية هنا قضايا عديدة بحياد أيديولوجي يصعب يحسب لبيضون، وذلك من خلال عالم دين شيعي يغاد جبل عامل في لبنان كي يستقر في النجف بالعراق قبل أن يعود مجددًا لقريته.
ومن خلال قصة ذاك الشيخ، يطلعنا بيضون على منظومة اجتماعية متكاملة تشمل معتقدات وممارسات وطقوس وأعراف استعرضها المؤلف مجردة من أي أحكام أو تصنيفات، تاركًا للقارئ حرية التعاطي وعشوائية الانطباع. وبخلاف قصة الشيخ، ينسج بيضون ثوبًا إنسانيًا حول التعلق والتخلي، التغرب والعودة، التشدد والتأقلم، إذ تتداخل مقدّرات الشخوص تآلفًا وتنافرًا كأقطاب المغانط.
بطبيعة الحال، تتطلب تلك المقاربة إيقاعًا رزينًا بعيد عن الإثارة، ومسافة آمنة لا تسمح بالتنظير، ومساحات من أجل بسط المحاجات الداخلية لأبطال العمل، وجلّهم من المهزومين في أرحام عواطفهم، المتأرجحين دومًا بين الواجب والرغبة التي لا تأبه بحدود.
#Camel_bookreviews