فوق رأسي سحابة > مراجعات رواية فوق رأسي سحابة > مراجعة دينا ممدوح

فوق رأسي سحابة - دعاء إبراهيم
تحميل الكتاب

فوق رأسي سحابة

تأليف (تأليف) 3.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

رواية فوق رأسي سحابة للكاتبة دعاء إبراهيم

دار النشر: دار العين

سنة النشر: 2025

عدد الصفحات: 200 صفحة

هل يمكن إخفاء بشاعة العالم بين طيات غراب أسود لا يحمل على جناحه سوى إنذار بالموت؟ هل يمكن أن تصبح السحب البيضاء المحملة بالمطر ذات يوم محملة بالألم أيضًا؟ بحثت عن تلك الأسئلة بِحيرة خلال قراءة (فوق رأسي سحابة)

على الرغم من أنني أعرف جيدًا عوالم دعاء إبراهيم لأنني زرتها سابقًا، إلا أنني هنا لم أعطي خوانة كما نقول، وخطوت بخطوات هادئة لعالم لم أتخيل كيف سيسحبني داخله نهارًا كاملًا لأنهي صفحات الرواية فورًا، مع بعض الوقت المستقطع لألتقط أنفاسي مرة أخرى، نعم؛ هذه الرواية من الروايات التي تحتاج أن تغلقها لتستطيع أن تبتلع كل تلك القسوة والتقط أنفاسي لاستكمالها مرة أخرى، ولكن لا أعرف كيف يمكن استكمال العالم والحياة بعدها!

تبدأ الرواية مع فتاة صغيرة لن تتعرف على اسمها الآن، وكأنها ستبقى مبهمة ومخفية حتى منتصف الرواية، ولكن الصفحات الأولى تبدأها بصدمة، فتاة ترتدي قميصًا بلون زاهي لتقوم بفعله قاسية، ولكن الأقسى فيمن تفعلها! الصدمة الأولى التي عليك ابتلاعها سريعًا حتى تفهم هذا العالم، ولكن أنتظر.. هل تسمع الغراب كما اسمعه؟ يرفرف فوقنا، يمنح (نهى) الأوامر وربما نظرة للمستقبل وكأنه يعلمه، على الرغم من علمك جيدًا أن لا يعلم الغيب سوى الله، ولكن إيمان نهى لم يكن يكفي أن تعلم، ربما لم تأخذ من حكايات الآلهة والجنة سوى التفاحة التي كانت هي النقمة يومًا ما، والغراب الذي عَلم صاحب أول خطيئة كيف يداري سوءته! وعلى الرغم من ذلك وصم الغراب دائمًا بأنه شؤم لا يأتي سوى بالموت والخراب، يطرق بابك وحين تقرر طرده لا ينساك مطلقًا، ويأتي بقافلته كاملة ليتعرف عليك وحينها لن تستطيع الفرار منهم أبدًا، البطلة هنا أيضًا وصمت بالكثير من الأشياء كما الغراب، وصمت بأب تركها ورحل، وأم لعوب لا تعترف بعمرها أو ابنتها، خال يحتضنها وفي الوقت نفسها يذ.بحها بسكين بارد لا يُميت، ولكنه يترك أثاره التي لن تمحى أبدًا، فكان من المنطقي أن يصبح الموصومون أصدقاء.

نتابع حياة (نهى) الممرضة التي تنتقل من مصر إلى اليابان، هل تتخيل إنها ستترك بوصلتها هنا وترحل؟ بالتأكيد لا ستأخذها معها، بوصلتها كانت غرابها، يخبرها من سيموت اليوم ومن سينتظر للغد، تقابل والدها والكثير من الأشخاص الذين يمنحونها نظرة مؤكدة عن الموت، كيف يبدأ وكيف ينتهي بين يديها، ربما كان البعض خلاصهم في الموت ولكن البعض الآخر كان في المو.ت حياتهم كما نهى.

في رحلتها نكتشف معها كوكب اليابان، تأثير الحياة الرتيبة والعملية على الأشخاص فيه، ومنهم صديقة غرفتها، التي كنت أرى نهايتها أمامي منذ البداية، بكل تفاصيل ما قبلها ولكنني تفاجأت بما بعدها، في رحلتنا لليابان لن نتعرف على الأماكن الجميلة وكل ما يميز هذا الكوكب، فنحن في منتصف رواية لن تجد فيها هذه الأشياء المبهجة، ستجد فقط القسوة والنهايات المأسوية، لنجد البطلة في السجن تنتظر الإعد.ام كل يوم، لا تعرف ما هي نهايتها وما جريمتها، فعلى الرغم من أنها ارتكبت الكثير من الجرائم إلا أنها ستحاسب على الجريمة الوحيدة التي اعتقدت طوال الأحداث أنها لم ترتكبها، وتركت الكاتبة كلمة الفصل في هذا الأمر إلى النهاية، ولكن للحقيقة وجدت أن جزء السجن تحديدًا بكل التفاصيل فيه كانت دخيلة واقتطعتني من كل الأحداث السابقة لها، ما وازن هذا الجزء بالنسبة لي هي التخيلات التي تصورتها البطلة مع حبيبها قابيل.

للرواية فلسفة خاصة عنوانها المو.ت، الذي أعتبره بالتأكيد هو عامود الرواية الأساسي وليس الأشخاص في حد ذاتهم، فلسفة المو.ت والحياة كانت واضحة في كافة التفاصيل، بداية من الحياة التي لم تعيشها البطلة بكل البراءة التي تمنتها، وموت أمها ومن ثم خالها الذي كان موته هو النقطة الفاصلة سواء في المكان نفسه الذي تبدل تاليًا بسفرها، أو شخصيتها وتحررها، أو في علاقتها بوالدها الذي ظهر فجأة بعد سنوات في أرض غير أرضها، حاولت أن تزرع فيها نفسها من جديد بعد أن اقتلعت من ماضيها، ولكنها كانت نبته سامة، أنببت المو.ت معها أينما وضعت.

من ضمن فلسفة الرواية هي النظرة إلى الازدواجية الواضحة في كثير من الأحداث، والتي نبدأها مع الأم التي لم تكن يومًا أمًا كما يجب، ونهى التي يتوجب أن تكون هي ملاك الرحمة ولكنها أصبحت عزرائيل، والخال الذي من المفترض أن يكون في مقام الوالد ولكنه كان هو المغت.صب والقا.تل، وكذلك كوكب اليابان الذي يظهر وكأنه مبهر ومضيء من الخارج، ولكنه في الداخل مظلم ورتيب ويشبه الجانب المظلم من بطلة الرواية نفسها أيضًا في تشابه أخر تضعه الكاتبة أمامنا.

كنت أبحث عن السحابة ووجدتها، السحابة فوق رأسها كانت قاتمة، مؤلمة، تحجب الشمس وتحمل فوقها الموت، ثم تمنحها أمطارًا من الألم، فكلما أقتربت كلماتها مني كنت أحترق، لكن وددت لو خف الألم قليلًا في تلك الرواية التي أعتبرها من أقسى الروايات التي قرأتها منذ بداية العام.

اقتباسات:

❞ لم أرَ ملاكًا أبيض، يحمل جناحين من نور، ليخبرني في أسف، أن أمي ستموت الليلة. الليلة بالتحديد. ❝

❞ ولم أشعر بالدفء، كأن البرد ينبعث من داخلي للخارج. كنت بحاجة لحضن أمي. ❝

❞ لا يمكن للموتى أن يؤذوا الأحياء. وهذا أفضل شيء في الموت. ❝

❞ اشتدت الريح وصارت قادرة على تحريكي. ليتني ريشة تحتضنها الريح. تومئ لها، ثم تمزقها، كأنها لم تكن يومًا ما، ❝

❞ لا صوت يعلو فوق صوت الكون. الطبيعة الخلابة القاتلة ❝

❞ أنتظر الألم الذي يجردني كل ليلة من ملابسي، تاركًا خدوشًا دامية. ❝

❞ الشفاء قبح والألم حرية، أتحرر من ذنوبي. ❝

❞ ثمة قتل يومي وعادي يتكرر بتلقائية. ثمة قتل كالحياة لا يحتاج للأسئلة. ❝

❞ نحن لا نرى ما هو أمامنا، نحن نرى ما نريد أن نراه. ❝

❞ أول الألم الإنكار وآخره الإذعان. تنكر أن شخصًا قادر على إيذائك. وحين ترى صورتك معكوسة داخل عينيه تبدأ في التصديق، بعدها تحاول يائسًا أن تقاوم، وحين تفشل تتقبل الإذعان كحل مناسب للحفاظ على ما تبقى منك. ❝

❞ كنت أخف وأطفو كذرات هيليوم. اكتشفت أن التحليق لا يحتاج لأقدام سليمة، ولا حتى لإرادة واعية. أُساق كما يُساق الجميع نحو قدر مبهم. ❝

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق