📖 مراجعتي لرواية “أوراق شمعون المصري”:

كنت أرغب في قراءة هذه الرواية منذ فترة طويلة، لكن ما كان يردّني هو حجمها الكبير. وبعد الانتهاء منها، يمكنني القول إن الفصول الأولى كانت رائعة جدًا من حيث اللغة والكتابة والوصف وبناء العالم القديم، وقد أعجبتني طريقة تصوير تفكير بني إسرائيل قبل الخروج من مصر وبعده.

تطرقت الرواية إلى كيف كانوا متأملين النجاة من بطش فرعون، لكن بعد أن نجاهم الله، غمر قلوبهم الكِبر وظنوا أن الله بحاجة لعبادتهم، فكثر التمرد والطلبات: رُزقوا المَنّ والسلوى فطلبوا البصل والثوم، ثم تمادوا في العصيان أكثر من مرة.

لكن الرواية تعاني من إشكال واضح في ترتيب الأحداث التاريخية. فهي تدور عن فترة خروج موسى وقومه من مصر حتى وفاته، ومع ذلك زُجَّت فيها قصص لا تتناسب زمنيًا مع تلك الحقبة، مثل قصة أصحاب السبت، التي لم يُذكر فيها موسى ولا هارون ولا يوشع بن نون، مما يرجّح أنها وقعت بعد زمانهم، والله أعلم.

منذ لحظة هروب شمعون إلى ديار العرب، بدأ الحشو في الأحداث واستحوذ على أكثر من ثلثي الرواية، رغم أن العنوان والتسويق يوحيان بأنها تتمحور حول بني إسرائيل في التيه ومرحلة موسى عليه السلام.

كذلك ذُكرت حرب جرهم وخزاعة، رغم أنها وقعت في القرن الثالث الميلادي، بينما عهد موسى يعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. أيضًا، لم يكن عمرو بن لحي قائد خزاعه في فترة الحرب، بل جاء بعدها بزمن. هذه الفروق التاريخية لم توضَّح في الرواية، مما قد يُربك القارئ، ويضطره للبحث والتحقق بنفسه.

من النقاط التي لفتتني أيضًا أن بعض الحوارات جاءت بلغة معاصرة لا تواكب طبيعة الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث. لا أُلقي باللوم على الكاتب في ذلك، لأن التقمص الكامل لروح تلك العصور صعب جدًا، خصوصًا مع قلة المصادر وتفاصيل الحياة اليومية في ذلك الوقت.

رغم هذه المآخذ، أُعجبت بتقنيات السرد ودمج الرواية بين مصادر متعددة، مما أعطاها طابعًا دراميًا جميلًا، لكني تساءلت عن سبب تهميش شخصية موسى عليه السلام، فقد جاء حضوره نادرًا ومقتصرًا على مشاهد العقوبة والغضب، بينما كانت أغلب الحوارات والمواقف تُروى على لسان هارون أو يوشع بن نون.

⭐️ تقييمي النهائي: 3 نجوم من 5

لجمال الأسلوب، وقوة البداية، وبناء العالم التاريخي، لكن مع تحفظي على الحشو، وتداخل الأزمنة، وبعض الحوارات المعاصرة التي قللت من واقعية الفترة الزمنية.