هناك بعض الكتب تقف بعد انتهائها تعظيماً وتبجيلاً لمحتواها الآسر الخلاب وأيضاً يتملكك الحزن العميق والإحساس باليتم خشية ألا تجد بديلاً يضاهيها.
ثاني تجربة مع الكاتب العظيم كمال الرياحي بعد"الرواية تموت أم تترنح؟" وأستغرب أن هناك بعض الأدباء مثله يجهلهم عالمنا العربي أو لا تفرد لهم ساحاتنا الأدبية الامتنان الذي يستحقونه.
بداية العنوان"لاترفعوا هذه الجثامين" يجعلك تتقلب على نيران الحيرة كي تستكشف خباياه وتحمد الله بعد تصفح بضع صفحات لأنك أيقنت أنه لن يخيب رجاءك فيه.
جميع الفصول ممتعة لكن الأشد امتاعاً بالنسبة لي فصل "الشبق الدامي والشوق إلى الديكتاتورية"ربما لأنه ينكأ جراحنا بعد الثورات أو كما يقول الكاتب بعد تحريفها بفعل فاعل لتكون انتفاضات،بعد ربيعنا العربي الذي تحول على أيادينا إلى ليل شديد القتامة والذي نتج عنه في النهاية امتثالنا وخضوعنا إلى ديكتاتور تبعاً لأهوائنا أو لأنه جاء متوافقاً مع أحاسيس الشعوب القابعة تحت الضيم والقمع لسنوات عدة لانقو على حصرها والذي أوردها اختصاراً اللاجئ الليبي محمد الأصفر في كتابه (ثوار ليبيا الصبورون): «أبحث عن خوفٍ الآن. جائع إلى وجبة خوف. أذهب إلى الجبهة حيث المعارك العنيفة، فلا أخاف من القذائف ولا صواريخ الجراد. ألعن الديكتاتور والطاغية وكل زمرته، فلا أشعر بأي خوف، جائع إلى رعدة في البدن. أيتها الثورة، أحتاج إلى بعض الخوف. هذا السلام وهذه السكينة والطمأنينة لم أتعوَّدْ عليها❝
أو كما جاء في رواية*ليلة الريس الأخيرة" بقلم ياسمينة خضرة
❞ تدور الخمرة في الرؤوس، كانوا يتذمرون من كل شيءٍ، ويجدون أن البلاد تسير مباشرة نحو الهاوية، وأن الرداءة متفشية في المؤسسات، وأن الفساد منتشر بين الحُكَّام، ويتأسفون على قبضة ستالين الحديدية. الأمور كانت دائمًا هكذا، أيها الأخ القائد. في الشيلي يتأسفون على بينوشيه، في إسبانيا على فرانكو، في العراق على صدام، في الصين على ماو، كما يتأسفون على مبارك في مصر، وعلى جنكيز خان في مانغوليا». ❝
شكراً للكاتب الرائع كمال الرياحي عل هذه الوجبة الدسمة وأظنني سأعود إليه فمرة واحدة لاتكفيني❤❤