"تنزع البنت نفسها وتروح للطست المركون على الحائط، تضعه فوق رأسها وهي ترمي الأم بنظرة عداء واضحة؛ الأم التي رأت جسد البنت من الخلف بانحناءاته وتضاريسه وتمايله قالت: احميها يا أم النور." - كتاب الحكايات لابن أسوان أحمد أبو خنيجر 🇪🇬
صعب كتابة مراجعة حول هذا العمل، وهو أول ما أقرأ لأبو خنيجر، تمامًا كما أنه من الصعب وصف لون الماء أو الهواء، إذ تبدو قصص هذه المجموعة عادية في موضوعاتها وأحداثها، ولكن العبقرية لا تكمن بالضرورة في الإتيان بجديد، بل في نفخ روح جديدة في المألوف بما يخالف ما ألفناه فيه، فتتولد أبعاد وتتجسد مقامات، ويصير للجوع رائحة، وللموت رسول، وللذاكرة وجه مرئي.
يستعين أبو خنيجر ببناء لغوي يناسب المحاجّة الداخلية لشخوص تستعين على جبروت الحياة بأشكال متباينة من الهروب الملازم للعجز، المرادف للانكسار، ما بين أب يعجز عن توفير قوت يومه لأطفاله، وآخر يتخلى عن مسؤوليته تجاه ابنته القتيلة اتقاءً لعواقب لا تُحمد عقباها، الكل هنا مكبل والكل رهينة، بما في ذلك الدراويش الدائرين أبدًا في معارج شيخ الطريقة.
تتميز الحكايات بقدر كبير من التجريد والاختزال، وهي قيم لا يعرفها الكثيرون من كتاب القصة القصيرة في يومنا هذا، ولذا يقدم هذا العمل دروسًا أجدها بليغة في صياغة هذا القالب الأدبي شديد الخصوصية.
#Camel_bookreviews