مراجعة رواية "عندما شبع شبح تارار" – عبد الرحمن خليفة
رواية "عندما شبع شبح تارار" للكاتب عبد الرحمن خليفة هي عمل أدبي جريء يتناول قصةً غريبة ومرعبة في آنٍ معًا، مستوحاة من شخصية حقيقية أثارت دهشة العالم: "تارار"، الرجل الذي عُرف بشهيته الخارقة وقدرته اللاعقلانية على التهام كل ما تقع عليه عينه، سواء كان صالحًا للأكل أو لا.
وُلد "تارار" في فرنسا في القرن الثامن عشر، حيث عاصر الثورة الفرنسية، وقد كانت حياته مليئة بالغرابة، ليس فقط من جهة شهيته المفرطة، بل أيضًا من حيث الدور غير المتوقع الذي أوكل إليه لاحقًا. فقد قرر الأطباء أن يقدّموا له مهمة سرية كمبعوث للتجسّس أثناء الحروب الثورية الفرنسية، وذلك عبر ابتلاع وثائق سرية مخبأة داخل علبة صغيرة، اعتمادًا على قدرته الاستثنائية على بلع الأشياء وخروجها دون هضم. إلا أن تلك الخطة لم تُكلل بالنجاح، إذ أُلقي القبض عليه من قِبل الألمان فور عبوره الحدود، ليُفشل المهمة قبل أن تبدأ فعليًا.
في هذا العمل الروائي، لا يكتفي الكاتب بمجرد سرد الوقائع، بل يغوص في أعماق النفس البشرية، مستعرضًا الصراع بين الإنسان وشهواته، بين الجسد ورغباته اللامنتهية. الرواية تمزج بين التاريخ والخيال في قالب غرائبي نفساني، يثير القارئ ويدفعه للتساؤل عن حدود الاحتمال الإنساني.
اللغة جذابة، والأجواء مشحونة بالغموض، مع حضور قوي للتفاصيل التي تجعل القارئ يشعر وكأنه داخل عقل "تارار" نفسه، يعاني من نهمه، ويعيش خيبته.
ومع تقديري للجانب الأدبي والفني في الرواية، فإن أكثر ما أزعجني أثناء القراءة هو وجود بعض المشاهد الجنسية الصريحة وغير اللائقة، والتي شعرتُ أنها لم تكن ضرورية في سياق السرد، بل أثرت سلبًا على تجربتي مع الرواية.