اسم العمل / فوق رأسي سحابة
الكاتبة/ دعاء ابراهيم
دخلت الكاتبة في مواجهة حقيقية كاشفة لمنطقة شديدة الحساسية والخطورة واعتقد انها شجاعة كبيرة جدا منها لتناولها هذا الموضوع
الرواية تتناول احداث واقعية حدثت وتحدث كثيرا وتعجبت من اراء البعض ولهم كل العزر في وصف الرواية انها سوداوية واقول لهم كل العزر لانه لا يعلم الجميع عن سوداوية الواقع وقسوته فقد يتغلب الواقع في قسوته وسوداويته علي الخيال
لم اصدم باحداث الرواية فقد تكون طبيعة عملي اعيش وقائع مقاربة لما جاء بالرواية ولكن ما ذكره بلال فضل عن واقعة حقيقية اثناء استلام الفنان صلاح السعدني لجهاز التلفزيون ملكه من النيابة واصطحب معه بلال فضل واثناء التحقيق ادخل وكيل النيابة اسرة من اب وام وبنتين وطفل واحس الفنان صلاح السعدني بالحرج وقرر ان يستاذن الا ان وكيل النيابة اصر علي حضورة وكان يعاملهم بشئ من الصرامة وعندما بدء التحقيق اكتشف بلال فضل وصلاح السعدني ان الاب قد اعتدي علي ابنته تحت تاثير المخدرات وحملت منه سفاحا وقد قام بتكرار فعلته مع الابنة الثانية وهنا لم يتحمل عمنا صلاح السعدني وانفجر في البكاء واراد ان يخرج من غرفة التحقيق وهنا اعتذر وكيل النيابة وقال لهم لم اتحمل واردت ان يشاركني شخص اخر ما انا فيه
فالواقع ملئ بالسوداوية ولم تكن وظيفة الادب في اي وقت ان تكون للتسلية فقط
نحن امام رواية حقيقة وقد قامت الكاتبة بذكاء شديد بادخال الفنتازيا علي الرواية للتخفيف من الماساة فوجود الغراب وشخصية قابيل هو الدلالة علي وجود الموت فالركزية في وجود قابيل كونه اول من قتل في التاريخ
الرواية تبداء بحديث صادق مع نفسها بان اقرت بان هلا وقت للكذب لانها مسجونة بزنزانة لتخبرنا عن بداية الكارثة وتخبرنا ان غرابها قد نعق واخبرها بموتها اليوم
بين ام لا تهتم الا باشباع غرائزها فتبدل الازواج اسرع ما تبدل ملابسها وبين اب لا يفكر الا بنفسه هرب وراء احلامه وترك الجميع وراء ظهره ضاعت طفلة كانت لا تتمني لا ان تكون مثل باقي البنات , حرمت ان تكون طبيعية تحب وتتحب فقل تم حرمانها من انوثتها وقتل جميع المشاعر في قلبها وعندما تم اغتيال برئتها علي يد اقرب الناس اليها والمفروض انه المؤتمن عليها (خالها ) و الذي يقال في المورث الشعبي ان الخال والد , وما فعلها خالها اصابها بصدمة واضطراب نفسي كان من اثره انها خلقت عالم اخر تهرب به من عالمها تعيش مع غرابها ومع قابيل حبيبها , كما ان البطلة تستعيض عن امها بالامومة لجدتها
بعد ان انتهيت من قراءة الرواية لم ياتي علي بالي الا الحديث الشريف (( كفي بالمرء اثما ان يضيع من يعول )) فالاب والام قد اضاعوا البنت
ولكن اعتقد ان الكاتبة تتحدث عن ما تتعرض له الانثي من قهر باختلاف الاعراق والبلدان ما تعرضت لها نهي في نصر يتشابه مع مع تتعرضت له تومودا سان فلقد رأت فوق راسها سحابة ايضا
ويظهر اكثر ما تتعرض له الانثي في المجتمعات المغلقة من وجهة نظر البطلة في انها لا تستطيع ان تعيش كما يحلو لها الا عندما سافرت اليابان فقد تحررت من كل القيود وعيون المتحرشين في ان ترتدي ما تحبه بل انها ارتدت ملابس مفتوحة دون ان تخاف ان ينال منها شئ من التحرش او المضايقات
تعمل البطلة ممرضة ويساعدها عملها في جرائم القتل التي تقوم بها ولا تعاقب عليها فتقوم بقتل امها وتنتقم منها كما انها تنتقم من ابوها بقتله ايضا ولكنها حزنت عندما ابتسم لها قبل موته وكائنه يخبرها بانه يسامحها
العجيب انها عندما علمت بموت خالها وانه قد مات موته طبيعية بكت واحتارت في نفسها بل ان اختفائه فجاءه قد احدث ربكة في عقلها فقد كانت حياتها تتمحور حوله فقد كان خالها هو السلطة الذكورية في حياتها
لا اعلم لماذا لم يقوم الاب بترك وصية بان يغسل ويكفن ويدفن علي الشريعة الاسلامية فالاب وان عاش مثل اليابانين الا انه بقي علي هويته وديانته واختيارة لشريكة الباكستاني المسلم واكله علي الطريقة الاسلامية فلماذا ترك نفسة هكذا اعلم شعور البطلة في اي تتركهم يغسلوه ويكفنوه علي الطريقة اليابانية واعتبار هذا جزء من عقابها له وبالبحث والتحقيق من كيفية دفن المسلمين في اليابان عرفت ان لا توجد مقابر مخصصة للمسلمين ولكن الجالية المسلمة هناك تحاول في ايجاد مقابر لها وان كان يوصي من يموت هناك ان يدفن علي الشريعة الاسلامية ومع صعوبة اجراءات نقل الجثة فان الكثير اذا احس بدنو اجلة او اصابته بمرض لا شفاء منه فانة يسافر الي بلده ليدفن فيها
جاء الجزء الخاص باليابان موفق جدا في تشريح المجتمع الياباني ونجت الكاتبة في وصف اليابان وخاصة قطاع السجون وما بها ايضا من تجاوزات واجراءات لا تتحقق معها العدالة فقد يكون المجتمع متقدم الا انه يوجد به نقاط ضعف
اجبني جدا وصفها للمجتمع الياباني كما جاء في تشريح البطلة لهم (( بدا لي المجتمع الياباني من الخارج مجتمعا كاملا من الملائكة هذا ما جعلني اكرههم بدو جامدين كروبوتات من حديد , مهذبون لدرجة محرجة . يتشابهون في كل شئ طريقة الحديث وايماءات التعجب والاستغراب وتناول الطعام واوقات تناوله , كانهم خرجوا من مصنع واحد ))
عجبني جدا حكاية ياسو سان ووفائه الشديد لزوجته التي ماتت غريقة وكل ما يتمناه ان ينتشل جثتها وتعلم الغوص من اجل ذلك وحاول كثيرا ولم يتوقف الا بعد اصابة قدنة وصعوبة ان يقوم بالبحث عنها
كما ان تقرب نهي منه فكانت تبحث عن الاب وتفتقد المشاعر الابوية وتبحث عنها فيه
الغلاف جاء متناقض مع احداث الرواية ولكني اعتقد انه موفق جدا لفكرة ما كانت تتمني ان تعيشة البطلة فهو ملئ بالالوان النابضة بالحياة ويخرج من رائسها اغصان ورد يقف عليها عصفور ويخرج منها جنحات ملونه ايضا وترتدي القميص القرمزي
العنوان / جاء موفق جدا وله دلالة عامة ويعبر عن الحالة العامة للرواية فاذا نظرنا الي معني فوق رأسي سحابة فهي تعني ان الشخص يحمل هما وحزنا فوق راسه وهو حال البطلة
جاء السرد سرد تناوبي علي لسان البطلة فالبطلة تنتقل بنا بين قصة واخري وقد جاء سردها مضطرب مثل شخصيتها
اللغة جائت الرواية باللغة العربية الفصحي وفي بعض المواضع تتارجح بين الواقعية والشاعرية
الرواية اعمق من النظرة السطيحة التي لا تنظر الا السوداوية في احداث الرواية فالرواية تتعمق فيما تتعرض له الانثي من قهر وتسلط ذكوري وحرمانها من الامان والحرية وتعرضها للتحرث واستباحة جسدها وحياتها وقتل برائتها واحلامها وموت الانوثة للكثيرات في المجتمعات المغلقة