❞ ورغم الحياة التي عشناها فإننا جميعا في غاية الفقر.. ❝
يقتطع عادل عصمت جزءا من كلام سارتر في روايته الغثيان عبارة شديدة العمق والمصداقية..نحن وبكل ما نملكه من أرصدة قرائية وكتابية نظل بقعة ضئيلة أمام المتواجد المهول والعظيم لما أنتجه العقل البشري،تلك الأرفف والخزائن و المكتبات التي لا تتوقف عن استقبال المواليد الجدد والمواليد القدامى الذين لم يتح في وقت ما فرصة لإحتوائهم وامتلاكهم..
سنظل نركض ونبحث عسى أن نسد هذا الجوع وهذه الحاجة المُلِحّة واللذيذة إلى الكلمة وإلى قراءة الحياة والشارع والآخر وفي الأخير قراءة أنفسنا ومحاولة فهمها..فهم من نكون! وماذا نريده من حيواتنا وسلوكياتنا؟
وقد وضع عادل عصمت بأسلوب جد سلسل كفه على هذه النقطة وانطلق يحكي عن القصة منذ شحذَها الإنسان كما شحذ فأسه وسكينه..صقلها وقومها ونحتها في كل مرة حتى استوت وتطورت ووصلت إلى الناس في قوالب وأشكال وصياغات عديدة ومتباينة تحت إسم واحد ألا وهو القصة.
استمتعت بجلستي مع الكاتب ..خلق بأسلوبه المرن قربا ودفئا وصحبةَ مجالسة لم أود أن تكون لها نهاية،وبطريقة بسيطة نعي جميعا مدى صعوبة تطويعها نقل عادل عصمت تجاربه ورؤاه وأفكاره عن فعل الكتابة وما تتطلبه القصة و الرواية حتى تكون قصة ورواية،عناصرها وأسرارها وحُلِيُّها ونوطاتها التي لن تتكشف للمرء إلا إذا خاض هذا الطريق لزمن طويل،وها هو الكاتب يتكرم علينا هنا ويغنينا عن قطع نصف المشوار.
•في آخر حديث للكاتب يقول:❞ فلم يحدث لرواية أن جعلت الناس تنحل أو تلحد، وإنما تطورات المجتمع وعمل الناس على الأرض وسياق الحوادث هو ما يفعل ذلك وليس الروايات. ❝،ثم يكمل..❞ الروايات لا تغير العالم، الروايات تساعد البشر على التبصر بحياتهم وتمنحهم زوايا أخرى للتفكير في خبرتهم؛ تساعدهم على فهم الطبيعة المراوغة للحياة. ❝،نظرة لا أتفق معها وأعارضها لكونها لا تحمل جُلّ الواقع الذي تفرضه الرواية ..الرواية وإن كانت منفذا لعبور النور هي أيضا غيمة تظليل وضلال..تحمل في بطنها كلا الجانبين ..المشرق والمظلم،ولا يمكن إنكار مدى تأثيرها على النفس والفكر بما تحمله من قيم ومشاعر وقضايا وشق للدواخل وافصاح عما يخجل من افصاحه لربما وجرأة وتمرد على العادي والعقلاني ..انها تهدهد وتُهدِّد في نفس الوقت،حالها كحال قطرة الماء التي غيرت من شكل الصخرة..مع الوقت ومع استمرارية القارىء تشرُّبه لفكرة ونمط ما ستتسلل الكلمات إلى روحه..هذا ما يفرضه التعود وكذا قلة الوعي وعدم التفريق بين ما يجب أخذه وما يجب تركه،لطالما كنت مؤمنه بهذه الفكرة حتى أتى اليوم الذي رأيتها مجسدة بحقيقتها المرعبة أمامي،وقد كان هذا التأثير والتحول إلى نقيض ما كانه الشخص نتاج رواية..وقصة..وسيرة ذاتية،وعليه فإن الرواية يمكنها أن تغير الناس وتقلب العالم.
•كتاب ثري وممتع ولن تكون آخر قراءة لي لقلم الرائع عادل عصمت.