بعض الناس لم يتدربوا على التذكر، ولذلك ذاكرتهم سطحية، أما الكاتب فإن الذاكرة منبع كتابته، وهي لا تعني فقط كل الحوادث التي حدثت له، بل كل ما قرأ وما سمع وما شاهد. كل شيء موجود هناك في لحظة ما، لكنه ليس موجودا على حاله كما حدث، بل تفاعل مع حوادث أخرى، وأعاد تأويل نفسه، وتزحزحت بعض الحوادث وحلت محلها حوادث أخرى، وتعرضت حادثة لتأويل قديم فاكتست بالألم أو تحررت من العبء العاطفي. الحوادث التي تحدث لنا كل لحظة تتفاعل مع مكونات الذاكرة وتغير ملامحها باستمرار.
كتابة القصص وبناء الأعشاش: تأملات في فن الكتابة
نبذة عن الكتاب
يمثل هذا الكتاب وقفة هامة على فن الكتابة في لحظة تاريخية سائلة، لا تؤمن بالكتابة كفن، لكن تسعى لتحويلها كسلعة استهلاكية. يجنبنا عادل عصمت هذه السيولة، يأخذنا ناحية الإيمان بقوة الكلمة، والتصديق بمدى تأثيرها في الوعي الفردي والوعي الجمعي الإنساني. ينطلق من سؤال هام وهو " هل سنموت لو لم نكتب، أي سر في هذا الفن يجعلنا نضحي بكل شيء لأجله..." ويصرّ على هذه الضرورة التي تعادل ضرورات الإنسان الأول للبقاء وتحمل الحياة. تحت عنوان " كتابة القصص وبناء الأعشاش" يأخذنا عادل عصمت إلى تأملاته العميقة وخلاصة تجربته حول فن الكتابة، بدأب الطيور التي تبني أعشاشها متحدية الرياح والليل والعواصف، في مجاز واضح عما يحتاجه الفنان الكاتب من صبرٍ واشتغال وإيمان بالحرية ليحفر عميقا في نفسه ليجد سؤاله الأصيل، وينطلق إلى خصوصية أسلوبه وخلاصة تجربته الإنسانية التي تمس الآخر، يرشدنا ذلك الكتاب إلى الأصالة ويجعلنا نقف لنبحث عنها في كل ما نكتب. هذا الكتاب المكثف، يطرح أسئلة هامة تدور في رؤوسنا جميعا عن الكتابة؛ ما هي القصة؟! ما هي الشخصية الروائية؟ كيف يدور الصراع ولماذا نكتب؟ يقف الكاتب المصري عادل عصمت ليتأمل تلك الأسئلة معنا، يستحضر في تأملاته سيرة بعض أهم الكتاب مثل تشيخوف وماركيز ونجيب محفوظ، بروست وجويس ويحي حقي وغيرهم الكثير. بصبرٍ وحكمة، لا يقدم وصفات بعينها للكتاب أو نصائح سهلة، لكنه يغور في جوهر الكتابة نفسها كفن ضروري للإنسانية.عن الطبعة
- نشر سنة 2024
- 156 صفحة
- [ردمك 13] 9789778031867
- الكتب خان
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من كتاب كتابة القصص وبناء الأعشاش: تأملات في فن الكتابة
مشاركة من Mahmoud Abdou
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
أسمـــا
❞ ورغم الحياة التي عشناها فإننا جميعا في غاية الفقر.. ❝
يقتطع عادل عصمت جزءا من كلام سارتر في روايته الغثيان عبارة شديدة العمق والمصداقية..نحن وبكل ما نملكه من أرصدة قرائية وكتابية نظل بقعة ضئيلة أمام المتواجد المهول والعظيم لما أنتجه العقل البشري،تلك الأرفف والخزائن و المكتبات التي لا تتوقف عن استقبال المواليد الجدد والمواليد القدامى الذين لم يتح في وقت ما فرصة لإحتوائهم وامتلاكهم..
سنظل نركض ونبحث عسى أن نسد هذا الجوع وهذه الحاجة المُلِحّة واللذيذة إلى الكلمة وإلى قراءة الحياة والشارع والآخر وفي الأخير قراءة أنفسنا ومحاولة فهمها..فهم من نكون! وماذا نريده من حيواتنا وسلوكياتنا؟
وقد وضع عادل عصمت بأسلوب جد سلسل كفه على هذه النقطة وانطلق يحكي عن القصة منذ شحذَها الإنسان كما شحذ فأسه وسكينه..صقلها وقومها ونحتها في كل مرة حتى استوت وتطورت ووصلت إلى الناس في قوالب وأشكال وصياغات عديدة ومتباينة تحت إسم واحد ألا وهو القصة.
استمتعت بجلستي مع الكاتب ..خلق بأسلوبه المرن قربا ودفئا وصحبةَ مجالسة لم أود أن تكون لها نهاية،وبطريقة بسيطة نعي جميعا مدى صعوبة تطويعها نقل عادل عصمت تجاربه ورؤاه وأفكاره عن فعل الكتابة وما تتطلبه القصة و الرواية حتى تكون قصة ورواية،عناصرها وأسرارها وحُلِيُّها ونوطاتها التي لن تتكشف للمرء إلا إذا خاض هذا الطريق لزمن طويل،وها هو الكاتب يتكرم علينا هنا ويغنينا عن قطع نصف المشوار.
•في آخر حديث للكاتب يقول:❞ فلم يحدث لرواية أن جعلت الناس تنحل أو تلحد، وإنما تطورات المجتمع وعمل الناس على الأرض وسياق الحوادث هو ما يفعل ذلك وليس الروايات. ❝،ثم يكمل..❞ الروايات لا تغير العالم، الروايات تساعد البشر على التبصر بحياتهم وتمنحهم زوايا أخرى للتفكير في خبرتهم؛ تساعدهم على فهم الطبيعة المراوغة للحياة. ❝،نظرة لا أتفق معها وأعارضها لكونها لا تحمل جُلّ الواقع الذي تفرضه الرواية ..الرواية وإن كانت منفذا لعبور النور هي أيضا غيمة تظليل وضلال..تحمل في بطنها كلا الجانبين ..المشرق والمظلم،ولا يمكن إنكار مدى تأثيرها على النفس والفكر بما تحمله من قيم ومشاعر وقضايا وشق للدواخل وافصاح عما يخجل من افصاحه لربما وجرأة وتمرد على العادي والعقلاني ..انها تهدهد وتُهدِّد في نفس الوقت،حالها كحال قطرة الماء التي غيرت من شكل الصخرة..مع الوقت ومع استمرارية القارىء تشرُّبه لفكرة ونمط ما ستتسلل الكلمات إلى روحه..هذا ما يفرضه التعود وكذا قلة الوعي وعدم التفريق بين ما يجب أخذه وما يجب تركه،لطالما كنت مؤمنه بهذه الفكرة حتى أتى اليوم الذي رأيتها مجسدة بحقيقتها المرعبة أمامي،وقد كان هذا التأثير والتحول إلى نقيض ما كانه الشخص نتاج رواية..وقصة..وسيرة ذاتية،وعليه فإن الرواية يمكنها أن تغير الناس وتقلب العالم.
•كتاب ثري وممتع ولن تكون آخر قراءة لي لقلم الرائع عادل عصمت.