حواديت محلية الصنع > مراجعات رواية حواديت محلية الصنع > مراجعة Youmna Mohie El Din

حواديت محلية الصنع - علاء أحمد
تحميل الكتاب

حواديت محلية الصنع

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

مجموعة قصصية بعنوان "حواديت محلية الصنع" تأليف علاء أحمد

منذ الإهداء الأول، شعرت بتميزٍ لافت، فهو مختلف ومليء بالعاطفة، ما يعكس روح المؤلف الفريدة.

قصة "عملات أبي"

طفل يحمل روحًا بريئة وفرحة عارمة، تملؤه اللهفة والشوق نحو شيء بسيط، لكنه ثمين في عينيه: دراجة حلم باقتنائها. يسير بنا السرد في رحلة نفسية ممتعة، نابعة من رغبة دفينة في تحقيق حلمٍ صغير وسط واقع قاسٍ. القصة رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مكتوبة بأسلوب راقٍ ومميز.

إنها مجموعة قصصية ذات طابع إنساني وروح عميقة، أكثر ما شدني فيها هو الأسلوب القصصي العذب والخفيف، البعيد عن الحشو والمبالغة.

ولأول مرة شعرت أنني لا أقرأ مجموعة قصصية، بل أُطالع مذكرات كتبها علاء أحمد من قلب حياته، بأسلوبٍ صادق وواقعي..

هذه ليست مجرد أفكار قديمة، بل رؤى مكتوبة بحرفية عالية، تتخللها كلمات ناعمة وإيقاع بسيط، يتلاعب فيه الكاتب بالكلمات بأسلوبه الخاص، فيغدو نصه مرآة لحياته، يعبّر بها عن واقعنا البائس دون زيف أو أقنعة.

يمتاز هذا العمل بالإبداع والتميّز، وهو خالٍ من التصنّع، على عكس ما اعتدناه في كثير من المؤلفات التي تجيد التمثيل أكثر من الصدق. القصص هنا قصيرة، لكنها عميقة، صفحاتها خفيفة، وأفكارها ثقيلة، تجسّد واقعنا المظلم بصورة إنسانية تُلامس القلب والعقل معًا.

تحتاج هذه المجموعة إلى تركيز أثناء قراءتها، فهي بمثابة "وجبة دسمة" من الكلمات الساحرة، تستحق أن تُقرأ مرات عدّة، حسب ما تسمح به الظروف.

وقد كُتبت بأسلوب بسيط خالٍ من التزويق، يعكس واقع الحياة بصدق، ويكشف عن مهارة الكاتب الفريدة في رسم القصة القصيرة.

بعض القصص كانت صادمة في نهاياتها، مثل قصة "سكن"، حيث تُوفي فيها رجلٌ مسن، مما أشعرني بالأسى تجاه معاناة العامل وسط الفقر الشديد.

قصة "أن تكون كلبًا"

قصة غريبة، مدهشة، بل ومخيفة في آنٍ واحد. تتناول فكرة تحول الإنسان إلى حيوان أليف، في محاولة للانتماء والبحث عن مأوى وطعام وصوت نباح. صدمة لا تُصدّق، وكأنها خيالٌ جامح يصعب أن نُسلّم بواقعيته!

"حواديت محلية الصنع"

تؤلمني قصة " بكتيريا "، ذلك الشاب الذي حمل الأمل وفرحة العمل في أول يوم له بشركة البرميل، لكن القدر لم يمهله، فاختطفته الحياة مبكرًا، ليترك ابنته "تنسيم" تعيش على ذكراه. قصة قاسية ومؤلمة تعكس مرارة الواقع.

قصة "في قلبي خروف"

شاب يُدعى وحيد، طيّب القلب، يحبّ الحيوانات الأليفة، وعلى وجه الخصوص خروفه الذي تعلّق به تعلقًا شديدًا، حتى أنه لم يشأ أن يضحّي به في سبيل إتمام الصلح بين العائلتين.

غير أن النهاية جاءت موجعة؛ إذ فرّ الخروف إلى الشارع العام، فهرع وحيد خلفه لإنقاذه، لكنه تعرّض لحادث مروّع أودى بحياته، بعد أن دُهس جسده النحيل في الحارة المجاورة.

كان مشهدًا يلخّص الوفاء والحزن معًا، ويروي قصة إنسانٍ حمل في قلبه محبة صادقة لكائن بسيط، ودفع حياته ثمنًا لها..

قصة "جنية صابر"

والد يُطلق على ابنه اسم "صابر" تيمنًا بجده، فتتشكل ملامح الصبر في القصة بأوجه ثلاثة. قصة مؤلمة، تبدأ من حياة وردية، وتنقلب إلى واقع مظلم مليء بالحجارة، خالٍ من الجمال. القصة تتناول قسوة الحياة والظلم الذي يتعرض له الفلاحون والعمال في مشاريع الخير. الجد كان محبًا للزهور، يرويها في الترعة بحب، ولكن الحياة سرقت بساطه الأخضر، ليُعامل في النهاية وكأنه مجرد اسم على ورقة لا أكثر، بل كأنه قُتل بأمر من محمد علي باشا في زمنٍ آخر.

قصة "الأجرة"

قصة قاسية ومؤثرة، تحكي عن رجل مسن توفي في الميكروباص دون أن يشعر به أحد. بدا كالنائم، يسند رأسه في المقعد الخلفي، لكن الكلمة الواحدة التي نطقت بالخبر تحوّلت إلى صدمة كبرى. النهاية مؤلمة وصادمة، تُجسّد واقعية حزينة أشبه بفعل قدري من السائق.

كل قصة من هذه القصص تحمل الكثير من الحكايات الواقعية، مكتوبة بأسلوب عذب وإطار إنساني، جعلني أرى صورة الحياة الحقيقية، خالية من الزيف والكواليس.

أود أن أشكر علاء أحمد، الذي علّمني أن أعيش بأملٍ جديد وسط هذا الواقع البائس، في حياةٍ لا تزال قادرة على إدهاشنا رغم قسوتها..

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق