مراجعة رواية "الفتاة الوحيدة التي يمكن أن تُحب" – تأليف شيرين شحاتة، إصدار دار اكتب للنشر والتوزيع
أعتذر عن تأخري في كتابة هذه المراجعة، بعد عودتي إلى القراءة الإلكترونية عقب فترة انقطاع قصيرة بسبب الانشغال.
تدور أحداث الرواية حول فتاة تُدعى "عين"، وهي طبيبة نفسية نشأت في دار للأيتام بعد فقدان والديها. الاسم نفسه لفت انتباهي؛ إذ يُعدّ من الأسماء النادرة وغير المألوفة، مما منحه تميزًا وغرابة تُثير الفضول.
"عين" ليست فقط طبيبة نفسية ناجحة، بل شخصية تتأرجح بين ماضٍ مؤلم وصراع داخلي عميق، خاصة في ما يتعلق بالحب والهوية. رغم حب "إيهاب" الصادق لها، فإنها ترفض فتح باب المشاعر، وتُفضّل العزلة التي اعتادتها منذ صغرها.
الرواية تنسج علاقة مؤثرة بين "عين" وصديقتها "حياة"، والتي تتجلى من خلال رسائل إلكترونية يومية، تُشاركها فيها تفاصيل حياتها وكأنهما تعيشان معًا رغم البعد. ومع أن العلاقة تحمل بُعدًا وجدانيًا عميقًا، فإن شخصية "حياة" لم تحظَ بالقدر الكافي من التعمّق والتحليل، ما جعلها غامضة بعض الشيء، وكان بالإمكان استثمارها بشكل أوسع.
تميّزت الرواية بأسلوب لغوي فصيح وسلس، يجمع بين النضج والتصوير السينمائي ضمن إطار واقعي، إنساني واجتماعي. تتخللها مشاعر الأمومة، ويتجلى ذلك بوضوح في تعلق "عين" بالطفلة "زينة"، التي رأَت فيها امتدادًا لطفولتها المفقودة.
أما "عتاب"، فهي فتاة هشّة وضعيفة، تتجنب حب ذاتها بسبب شعورها الدائم بالقبح وافتقارها للجاذبية. غير أن "شادي" أحبها واختارها كما هي، مؤمنًا بجمال روحها وطيبة قلبها، دون أن يرى فيها ما تراه هي من نقص. علاقة تحمل الكثير من القبول والتصالح مع الذات.
ننتقل إلى "نادر"، الذي يعيش في صراع مع ماضيه ويطارد أطياف الخوف والقلق. شخصيته تبحث عن السلام النفسي والتوازن الداخلي، في محاولة لفهم أزماته النفسية وسبر أغوارها. يمثّل نموذجًا إنسانيًا يعكس معاناة الكثيرين مع الاكتئاب ومحاولات التكيّف والشفاء.
الرواية تحمل بُعدًا نفسيًا عميقًا، وتُسلّط الضوء على مواضيع نادرة كـ"التنويم الإيحائي"، الذي تعرفت إليه من خلال هذا العمل لأول مرة. كانت هذه الإضافة مثيرة للاهتمام وتُغني المحتوى النفسي للرواية.
رغم جمال السرد وثراء الشخصيات، فإن النهاية جاءت مفتوحة وغريبة إلى حدّ ما، مما قد يربك القارئ أو يتركه في حيرة من أمره.
الخلاصة:
رواية "الفتاة الوحيدة التي يمكن أن تُحب" عمل أدبي ناضج، غني بالبعد النفسي والإنساني، مكتوب بلغة فصيحة متميزة. تُحسَب للمؤلفة جرأتها في تناول موضوعات حساسة بقالب واقعي وقريب من النفس. ورغم بعض الثغرات، خاصة فيما يتعلق بتفاصيل شخصية "حياة" ونهاية الرواية، تبقى تجربة القراءة ممتعة وجديرة بالتأمل.