في إبان هجوم العصابات - و هذا هو واقعهم - على ( حيفا ) ، و تهجيرهم أهل الأرض قسرًا ، كان ( سعيد ) و ( صفية ) يحاولان جاهدين الرجوع لمنزلهما ليأخذا ( خلدون ) طفلهما الرضيع .
لكن طوفان المهجرين المندفع ، و فوهات البنادق الموجهة نحوهم ، حالت دون وصولهم ( لخلدون ) الذي تركاه بلا حول و لا قوة .
و بقي الأمر غصة ، إلى أن عادا ( لحيفا ) بعد عشرين عامًا ، فإذا هي كما عهداها ، طرقها ، مبانيها ، أشجارها ، ما عدا أناسها فقد استبدلت .
قصدا دارهم السابقة ، التي سكنت من قبل أعدائهما .
و بعد أن استأذنوا لدخول دار ترجع ملكيتها لهما - مهما قال الطرف المناوئ غير ذلك - ، ادخلا و استضافتهم في منزلهم مسنة توقعت مجيئهم .
دار حديث مطول بينهم ، لكن الكارثة حين علما أن ابنهما ما زال حيًا . نعم هي طامة كبرى ، ( فدوف ) الذي هو في الحقيقة ابنهما ( خلدون ) عسكري إسرائيلي .
و بعد أن تحادث الأربعة ، قرر ( سعيد ) و ( صفية ) نسيان أن لهم ابنًا تركوه . و قد لفظهم ( دوف ) و أنكرهم .
و قد تضمنت الرواية :
١ - أن الغازي يبرر أفعاله بمنطق شيطاني : أن ما يفعله ضروري و مبرر ، بينما الآخر - الذي هو صاحب الأرض - مخطئ لا يجوز له أن يقاوم !
٢ - أن الجيل السابق الذي عاصر ما حدث وقف على أطلال الذكريات ، بينما الجيل الذي وجد بعده مدافع .
٣ - الإنسان موقف . ( دوف ) رغم أنه من صلب ( سعيد ) إلا إنه اتخذ جانب الغازي ، فما كان من ( سعيد ) و
( صفية ) إلا التبرؤ منه ، و الانسلاخ من ذكرياتهم .