ترتسم في قلوبنا وأرواحنا بعض الأماكن ويظلّ رسمُها واضحًا فينا كالوشم، حتى وإن مرّت السّنوات وظنّنا أنا قد نسيناها إلا أنّنا نُفاجأ بأنها لا تزال قابعةً فينا ولم تغادرنا مطلَقًا .
إن كل منا يحمل بعضَ أقَدَارِه في طيات طبيعته، فالأقدار تصعد إلينا أحيانًا من طبائع النّفوس، كما تهبط علىنا من السماء.وتصرّفات الإنسان وردود أفعاله تجاه الأحداثٍ هي غالبا صورةٌ من طبعه ونتاجٌ لنفسه.
كيف يمكن تصور علاقة أشخاص متعددون ومختلفون في الطباع والأقدار, لم يجمع بين أحداث حياتهم شيء أكثر من مرورهم بمكان !
شقة السيدة زينب، التي سكنها البعض وسكنتهم , وغادرها البعض ولم تغادرهم، شهدت قلوبا تمتعت بالصفاء غيَّرت بعضَها الأيام، ولم تفلحْ في تغيير بعضها الآخر.
لم يكونوا شهودًا علي المكان بقدر ما كان شاهدا عليهم، وربما ترك بعضهم فيها آثارا لن تزول وكأنه يقول لمن بعده : «مررت من هنا» ! ، شقة ضمّت إليها العديد من الأسماء، وشهدت على العديد من الأحداث، بدءًا بمصر الملكية وأحداثها وحتى قيام الجمهورية و لوقتنا الحاضر وقد مضى الجميع، وبقيت هي شاهدة.
مرّ بها العديد من المشاعر، ربما اختزنتها جدرانها، وربما تفيض منها على ساكنيها الجدد. وربما رفضت البوح بما فيها . ربما ترفض ساكنيها وربما ترحب بهم، ولكنها كانت دومًا كريمةً مع الوافدين.
كرهت جدرانها الظلمَ ولم ترضَ به؛ فأحالت حياة البعض إلى جحيمٍ لا يُطاق، أحبّت طباع آخرين فاحتضنتهم، ولم ترغبْ بتركهم حتى تركوها هم رغمًا عنها......
شقة السيدة زينب .