براري الحُمّى > مراجعات رواية براري الحُمّى > مراجعة مهند سعد

براري الحُمّى - إبراهيم نصر الله
تحميل الكتاب

براري الحُمّى

تأليف (تأليف) 3.6
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

يقول إبراهيم نصر الله: رواياتي ليست أبنائي وإنما "أنا"

من هذا القول أبدا كلامي عن رواية "براري الحمّى" هذه الرواية التي بالفعل كانت الأنا لإبراهيم نصر الله كانت الذات كانت حديث الروح وجدال النفس ونزاع الذات كانت تهويمات في العقل الباطن كانت سردا على قارعة العمر كانت تعرية للألم على مذبح المونولوج .

رواية براري الحمى هي أولى روايات الكاتب ، جاءت الرواية في 166 صفحة تتحدث عن فترة زمنية عاشها الكاتب في السعودية عند تعيينه معلما في منطقة "القنفذة" أدار الكاتب الرواية بحرفية فنان تشكيلي وأذاب مفاهيمها بقدرة شاعر وصاغها بإبداع كاتب روائي قاصٍ بمهارة .

لعلي أكتب عن الرواية وأنا ما زلت مأخوذا بها وليسامحني من يقرأ المراجعة على قدر الإطراء الذي أضعه للكاتب ولكن هذا كتاب حق على كل محترفي الأدب والقراءة والنقد أن يطلعوا عليه ليروا الإبداع عندما يتجلى.

تبدأ الرواية من حيث النهاية أو تنتهي من حيث البداية وهذا هو ما أراده الكاتب أن يدخل في نفس القارئ وقد نجح شخصية البطل محمد حمّاد المعلم الوافد على المنطقة والذي يتنازعه صراع داخلي بين ذاتين ذات راضخة وأخرى نافرة ، ذات قانعة وأخرى متمردة ، ويزداد الحوار تهويما وأسطورية وخروجا عن المألوف عندما تزداد حمى الملاريا ضربها جسد محمد والتي كان لابد أن تظهر مع القارئ من بداية الحروف . فهذا كلام محموم لا تهويمات مقهور فقط.

وقع جدل نقدي قوي على الرواية من حيث إعطاء المكان حقّه ووصفه كما يجب أم انه أفاض في مساوئ المكان وأهله ولم يأتي على مناقبهم وحسناتهم ، لكن الكاتب لكي يخرج من هذه الزاوية فلقد أنطلق بلغته الشعرية يرسم نقاطا فاصلة في اللامكان واللازمان تصلح لكي تضعها قبعة على رأس أي مكان آخر وهذا ما جعل الكتاب حداثيا أو ما فوق الحداثيّ .

تبتعد أحداث الرواية وتقترب حسب نفسية بطل الرواية والذي يندمج أحيانا مع ذاته الأخرى فيكتب واقعا وينفصل عنها فينطق لوحات سريالية تضفي جوّا لا نهاية له من الإبداع

دراسة الكاتب السينمائية ظهرت جليّة في فقرات الكتاب حينما أعطى بعدا مسرحيا للشخصيات وتفكيرها وحينما كان يطلق العنان لها لتعطي رسما دقيقا للمكان وتهويماته وقربه من البحر والجبال والشمس والأرض.

الدلالات في الرواية كانت عميقة التركيب ممتنعة الحصون وتحتاج للكثير من التركيز وإعادة القراءة حتى ترسب في ذهن القارئ وعليه أن يضع في تفكيره دائما أن الكاتب هنا يكتب نفسه لكن بإبداع روائي وبمزاوجة السيرة الذاتية والرواية فكاتب لاجئ يأتي بعذاب لجوئه ليعيش عذاب "نفيه" لو أردنا أن نصورها كذلك لمنطقة القنفذة ليعلم أناسا تغلب عليهم صفة الجهل وتفشي المرض والانقطاع السكاني والحضاري حتى أنهم أقاموا مأدبة وأفراحا عندما قرروا مرور الشارع من منطقتهم تلك وبين عذاب اللجوء وعذاب الغربة المركبة كان هذا العمل الذي حلّق في سماء التحليل النفسي جيدا جدا ، فاطمة وأبو محمد واحمد لطفي والخمسة الراكبون على الدراجة دلالات فارقة في عمر الرواية وفي عمر الكاتب وفي عمر الوطن العربي ككل .

الرواية تستحق أكثر مما كتبت ومما سأكتب وتستحق أن تجد الاهتمام العربي والنقدي اللازم لها ، هنا كتابة متطورة تقرأها فتعتقد أنها كتبت قبل سنة أو اثنتين فتتفاجأ أنها موجودة منذ أكثر من 25 عاما .

رائعة جدا جدا جدا

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
6 تعليقات