اسم الرواية: مساء لا ينتهي
الكاتبة:صفا ممدوح
دار النشر: كتوبيا للنشر والتوزيع
عدد الصفحات 320
التصنيف : اجتماعية , خيالية
---------------
حُسنى بنت فردوس، ثمرةُ مزحةٍ عابرة في ليلٍ ثقيل، بين رجلٍ لعوب وامرأة ساذجة جمعت بينهما فجوة الفقر والثراء. استغلّها لأنه زيرُ نساء، واستسلمت له لأنها فتاة يتيمة، لا سند لها ولا معين، قررت أن تكسر جدار العجز، وتُكمل دراستها في مدينة بعيدة عن قريتها، علّها تصنع لنفسها قدراً يليق بها. لكن هناك، بدأت مأساتها، ومن هناك وُلدت حكاية حُسنى بنت فردوس.
كانت أولى قراءاتي لهذه السنة على تطبيق أبجد، ويا لها من بداية تهزّ الوجدان!
أليس من المؤلم، بل من المعيب، أن تسع ثوانٍ من اللذة العابرة كفيلة بأن تجلب روحاً إلى هذا العالم، روحاً لا تجد سوى البؤس والمحاسبة منذ ولادتها؟ تلك كانت مأساة حُسنى، بطلة الرواية.
لطالما تجنّبتُ الخوض في موضوع النسوية، لا نفوراً منه بل ارتياباً، شعورٌ بين الاقتناع والرفض. لكن هذه الرواية، كما غيرها ممن تناولن وجع الأنثى "الخطأ"، جعلتني أقترب أكثر من جوهر القضية: أولئك الفتيات اللاتي يُلقين في الملاجئ، ويدفعن ثمن لحظة رعشة بين أبوين عابثين. حُسنى أحببتها رغم تشوّهاتها، أو ربما بسببها. أحببت تمرّدها، وشتائمها ضد الذكر، واضطهاده، ونظرتها له كجذر ألمها في هذا العالم، كسببٍ مباشر لمحاولتها الانتحار، وكمُرتكب أول في جريمة وجودها.
هي لم تكن خطيئة أمها بقدر ما كانت لعنة والدها. أمها كانت مراهقة تائهة، تبحث عن الخبز والعلم، بلا أهل ولا مأوى. أما هو، فهرب، اختفى، ولم يلتفت يوماً خلفه ليعترف بها، لا في الماضي ولا في المستقبل.
لكن الرواية لم تكن سوداوية تماماً، ففيها شعاع من نور... اسمه شريف. الرجل الذي كان اسمه على مسمّاه، فكان شريفاً مع فردوس، ومع حُسنى، ومع الحياة نفسها.
خلاصة قراءتي:
الرواية تسلّط الضوء على قبح هذا المجتمع في نظرته للمولود من علاقة غير شرعية، خاصة إذا كانت أنثى. تصور كيف يُلاحَق هذا الطفل بالعار والذنب والشتائم والتنمر، وكأنه هو من قرر أن يولد، أو كأنه شارك في الجريمة التي أنتجته.
لكن، لماذا؟
ما ذنبه؟
هل منحتموه صك قبول أو خيار رفض قبل أن يُوجد؟
هل استشاركم قبل أن يصبح كائناً يُرمى عليه كل هذا القرف؟
في رأيي، سيظل هذا الموضوع موضع جدل وصراع أخلاقي ومجتمعي لا ينتهي. سيظل الطفل "غير الشرعي" يدفع فاتورة خطأ لم يرتكبه، طالما بقيت المجتمعات تحاكم الضحية وتُبرّئ الجاني.