*ونس الكتب/ دينا ممدوح
*تحدي أكتوبر/الكتاب الثالث
*المجموعة القصصية حواديت محلية الصنع للكاتب علاء أحمد
*عدد الصفحات: 159 صفحة
*دار النشر: السراج
دائمًا ما نذكر أن اسم العمل هو المدخل الأول للنص والمُعرف الأول عنه، وكثيرًا ما يكون هناك اسماء متوافقة مع فكرة العمل بعد القراءة، وهناك أخرى تجعلك تعرف ما أنت مُقبل عليه، وأخرى تزيد من حيرتك ولا تعرف كيف يمكنك تفسيرها أو ما علاقتها بالعمل من الأصل.
في حديثنا هنا عن المدخل الأول للنص وهو الاسم (حواديت محلية الصنع) يمكنني القول تمامًا أن هذا هو الاسم الأنسب والأوحد لتلك المجموعة التي تمتلئ بالمحلية حد الانغماس فيها، الكاتب يحكي من داخل حياتنا بشكل بالغ العمق والرهافة، وفي الوقت نفسه بالغ البساطة والتفصيلية التي تجعلني أفكر لقد رأيت هذا الشخص، تحدثت مع ذاك، لقد مررت بهذا الموقف سابقًا، في نهاية المجموعة كنت أعرف أنني قابلت كل هؤلاء وأعرفهم جيدًا ربما سابقًا أو لاحقًا.
المجموعة تتكون من 16 قصة قصيرة جميعها مكثفة ربما إلا في قصة حواديت محلية الصنع التي تحمل اسم المجموعة وكأنها جمعت كل الحكايات الأخرى التي ود الكاتب أن يضعها في المجموعة كإشارة سريعة لهم.
القصة الأولى والتي تحمل اسم (عملات أبي) من أكثر القصص قربًا إلى قلبي، ودمعت عيناي في نهايتها وتوقفت أمامها للحظات، هي تحكي عن أب يحاول شراء دراجة جديدة لابنه المتفوق ولكن قصر ذات اليد يعيق هذا، النهاية كانت رقيقة ولمست قلبي.
في قصة السبنسة يضعك الكاتب في اختبار، هل يمكنك التقاط انفاسك؟ هل يمكنك أن تتخيل مصير هؤلاء الفتيان وكيف ستنتهي رحلتهم؟ لا نعرف وطوال الأحداث وأنا أنتظر الأزمة التي ستحدث ولم يخلف توقعاتي. في قصة (سكن) على الرغم من معرفتي المسبقة بنهايتها ولكن هذا لم يحد أبدًا من المشاعر التي وصلتني منها.
يمكنني القول أن الكاتب كان يعتمد على المشاعر في حد ذاتها، في بعض القصص كان يلتقط حدث ما وحده، وفي قصة أخرى تجده يشير إلى حياة كاملة من خلال هذا الحدث الأوحد، ولكن النهاية واحدة، الكاتب يضع يده على قصة كاملة محلية الصنع عن جدارة، من شارعك أو بيتك أو في عائلتك أو أصدقائك أو أشخاص قابلتهم يومًا.
أعتمد الكاتب على السرد بالفصحى في المقام الأول وفي بعض القصص كان الحوار بالعامية، ولكن في الحالتين تميزت اللغة بالقوة والبساطة في الوقت نفسه.
أسلوب الكاتب من النوع السهل الممتنع، في كل قصة يمنحك بعض الجُمل التي تُعرفك تمامًا مدى تمكنه من لغته وأدواته، ولكنه لا يرغب في منحك لغة مقعرة أو تشبيهات منمقة فقط، هو يرغب في جعلك تشعر، تفكر في التفاصيل وتراها بعينك رؤية مختلفة تمامًا عما سبق، يمكنني القول أنه كان يلعب بشكل كامل على البساطة والحقيقة والتفاصيل الصغيرة اليومية والأشخاص المهمشين والذين يمكنك أن تمر عليهم في يومك دون أن تهتم بتفاصيلهم بصورة كبيرة، في لحظة ما شعرت أن الكاتب عاش كل هذا الواقع بالفعل خاصة أنه استخدم اسمه كبطل للقصة التي تحمل اسم المجموعة نفسها.
من المجموعات التي يمكنني ترشيحها لمن يرغب في البساطة والاستمتاع في الوقت نفسه، يمكن أن تكون فاصل بين كتب مرهقة وثقيلة على الرغم من أن هي ذاتها لم تتخلى عن العمق الإنساني الهادئ ولكنه مريح للقلب بالرغم من مأساويته في بعض القصص.
*اقتباسات:
❞ إلى.. نفسي، أستحقُّ أن أصفقَ لها مرَّةً بعدَ مراتٍ من جَلدي لذاتي. ❝ (من الأهداء)
❞ قد أكونُ بِدعًا بين الكُتّاب، لكنَّني أصدق المكتوب، نصف أو ربع كاتب ربَّما، لكنْ نقصانُ الإنسان في شخصي مُكتمل! ❝
❞ يجعلون قطارَ القادرين يلفحُ وجوهَنا ويمرُّ أمامنا كسراب ككلِّ الفرص التي تفوتنا، ❝
❞ لم يعلم أنَّ لحظات القلق أطول، وثانية الخوف بمائةِ ساعة مما يعدّون. ❝
❞ هذا بيتي ونفسي وأصْلِي، هذا نَبتي وأرضي، ولن أترك أرضي، ادفنوني تحتَها إن أردتُّم لكني لن أتركها حيًّا. ❝
❞ على عكسِ العادةِ كنا نذهبُ نحن لملكِ الموتِ، نجتمعُ متكدسينَ في صالةٍ كبيرةٍ أصغرُ من كتلتنا، بحوائطٍ زيتيةٍ مزينةٍ بعبثِ كشطِ أقلامِنا كآثارٍ شاهدةٍ على أمواتِ دفْعاتٍ من قبلنا. ❝
❞ الخوف يطلُّ عليَّ من كلِّ موقف وكلمة، وتقاطع مع البشر، الخوف يطلُّ عليَّ من الأمان ذاته! ❝
❞ عقلٌ لا يحتفظ بعبارات الاطمئنان، ويمحي بشبه كلمةٍ من ذمِّ صفحات من ثناء، عقلٌ بارع في البحث فيما وراء الأحداثِ والكلمات، ودائمًا لا يرتاح إلا للتَّفاسير المزعجة، وبالٌ مشغول برهْق باله. ❝