دفاتر الوراق > مراجعات رواية دفاتر الوراق > مراجعة Rudina K Yasin

دفاتر الوراق - جلال برجس
تحميل الكتاب

دفاتر الوراق

تأليف (تأليف) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب السابع والعشرون / 2024

دفاتر الوراق

جلال برجس

"""لا أحبّ ديدان الأرض حيث الظلمة والرطوبة تهب وجعاً إضافيّاً للموت، لهذا منحت جسدي للماء سرّ ‏الإنصات الأبديّ، والحضن الّذي لا تغلق ذراعاه، لم أكتب وصيّتي، فليس هناك من وصايا للّذين خذلوا في ‏حياتهم سوى أن يتمنّوا أن يبادر أحدٌ ليدوزن الوتر النشاز، وليس لي وصايا لأقولها، فأنا محض ريشة دوريّ ‏علقت في هواء لم يسكن ولو لحظةٌ واحدة.‏ ‎

؛؛ في هذه الحياة عليك أن تكون ألف شخص لتعيش، حينما تضع رأسك على وسادتك؛ كن أنتَ؛ لأنك في المساحة التي لن تحتاج فيها لأحد غيرك،،،

،،،عليك أن تعلق الجرس، العالم يسير بسرعة مرعبة نحو الهاوية، استولت البنوك والمؤسسات المالية على جزء كبير من رواتب الناس، باتت الشوارع تعج بالسيارات المرهونة للبنوك، وكثير من الشقق السكنية تم شراؤها بالدين، كثرت النساء اللواتي أخذن يبعن أجسادهن، كثر الذين يمكن أن يَقتلوا لأجل بضعة دنانير، انظر حولك، هؤلاء الناس على مقربة من أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة،،،،·

عمان : هنا عمان 2020 التي تعاني حصارا صعبا من حصارات الكوونا هنا عمان حيث الاغتراب الحقيقي او الاغتراب داخل الاغتراب ربما اغتراب وطن او اغتراب نفسي لكنه اغتراب ، فمن قرء رواية حارس لمدينة الضائعة لابراهيم نصر الله ربما يفهم معنى القراءة عن عمان حيث تمتاز الرواية بانها عمانية بامتياز في وصف الشوارع والبيوت وحالات الاغتراب التي يعيشها ابراهيم الوراق الذي يقطن في أحد الأحياء الشعبية في عمان، ويعمل في متجر للكتب في وسط البلد، يكتشف الوراق، المنعزل والمثقف بشكل لافت، أنه لم يساهم بصياغة حياته، وأنها أخذت تتعرقل بشكل يحيله إلى مسارات معقدة بحيث تلتقي عند هذه النقطة مصائر الشخصيات جميعها لتحقق الفكرة الرئيسية، كل هذه المسارات سنكتشفها في سبع فصول صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات ونشرت عام 2020 بعدد صفحات 368 من خلال عنوان تم اختياره بعناية ودل على مضمون الرواية والغلاف ورسمة الكتاب المفتوح والذي تصبح صفحاته كسلم يصعد عليه شخص يحمل ريشة في رمزية على دور المثقف واهمية القراءة في إدراكه العالم .

الرواية الحائزة على جائزة البوكر العربية للعام 2021، هي اول معرفة لي بالكاتب الاردني جلال برجس والذي له خمس روايات اهمها رواية افاعي النار حكاية العاشق عليّ بن محمود القصاد» التي نالت جائزة كتارا للعام 2015

الغلاف والعنوان:

الغلاف والعنوان يعبران عن الثقافة لكن السرد وسير القصة كما ارادها الكاتب تعطينا تحليلات حول عمان الاخرى ، ربما اراد نصر الله ان يكتشف عمان في حارس المدينة لكن جلال اراد اكتشاف عمان المخفية ربما مثل ربيع جابر واكتشاف بيروت في بيرتيوس مدينة تحت الارض. حيث هنا نستفيد من علم النفس، والكوابيس تتداخل مع الهلوسات والهذيان عند البطل لترسم ملامح شخصية تعيش انفصاما حادا جعلها تخلط الوهم بالحقيقة وتقتحم واقع الفساد المستشري حولها متخفية وراء شخصيات خيالية لكنه الواقع المرير .

ثم أن الكاتب اراد عكس الواقع العربي ومشاكل الشباب المسحوقة والواسطات والفساد منةخلال سرد قصصي محكم حيث يتحدث عن المشاكل العالقة في المجتمعات العربية، وتتناولها بطريقة الطرح لا وضع العلاج، حيث يختبر برجس المصير المُغرِق في السوء الذي يعانيه الشباب العربي، في مواجهة تحديات الواقع.وبين ما يلقيه الصراع الاجتماعي من ثقل على كاهل الشباب، وقوة الدفع المستمرة من المجتمع، المودية إلى العزلة والأمراض النفسية. كما يسلط الروائي الضوء على الترهل في مؤسسات الخدمة الاجتماعية، والمحسوبيات فيها، فيما يكشف عن التحرش الذي يطال الأطفال اللقطاء في الملاجئ العامة، وما ينطوي عليه من حالات اغتصاب كارثية.

احداث الراوية في سبع فصول و366 صفحة حيث :

تقع أحداث "دفاتر الورّاق" في الأردن وموسكو خلال الفترة بين 1947 2020، وتحكي الرواية قصة إبراهيم بائع الكتب والقارئ النهم الذي يفقد كشكه ويجد نفسه أسير حياة التشرد، وبعد إصابته بالفصام يستدعي إبراهيم أبطال الروايات التي كان يحبها ليتخفى وراء أقنعتهم وهو ينفذ سلسلة من عمليات السطو والسرقة والقتل، ويحاول الانتحار، قبل أن يلتقي بالمرأة التي تغير مصيره.

يقطن الورّاق في أحد الأحياء الشعبية في عمّان، ويعمل في متجر للكتب في وسط البلد، يكتشف الوراق المنعزل والمثقف بشكل لافت أنه لم يساهم في صياغة حياته، وأنها أخذت تتعرقل بشكل يحيله إلى مسارات معقدة بحيث تلتقي عند هذه النقطة مصائر الشخصيات جميعها لتحقق الفكرة الرئيسية التي تقوم عليها الرواية، والتي تلقي الضوء على رمزية البيت والعائلة في زمن يتغير بشكل متسارع، وتتراجع فيه قيمة الإنسان.

بعد ااصابته بمرض نفسي وحالة الانفصام يتجه الى شخصيات كتبه ويعمل على الحديث معها حيث تظهر مجروحة، منغمسة في التعب والخوف من المصير، ومشحونة بذكريات سيئة، والطاقة المتبقية لديهم لا تكفي للخروج إلى عتبة الأمان. فلا الماضي كان باقة ورد خرجوا من خلالها، ولا الحاضر يحمل الأمل في المستقبل.

ابراهيم المريض النفسي بطيبعة مهتزة، وتوليفة من العقد النفسية، والبناء المفرغ من الذات الحقيقية. فهو المثقف المهووس بالأبطال المميزين عبر الروايات على مراحل الزمن المتنوعة. شخص يعيش بأكثر من ذات في داخله، كلها وهمية، احتشدت داخله، حتى صار لا يتمكن من معرفة حقيقته. ويعيش الوراق بجسد يحتوي على نقيضين، فما بين ظاهره وباطنه، تكمن فلسفة الرواية، وتتجرد الإشكاليات الاجتماعية المقصودة، تبعا لحدة العراك الداخلي الذي يحياه إبراهيم.

وجراء إزالة كشك بيع الكتب الخاص به، من قبل الحكومة، يصبح الوراق بلا مصدر رزق، ويتحول القهر داخله إلى انتفاخ غريب في بطنه، ليدخل في صراع سيكولوجي ، ينتهي به إلى كونه مجرما، مستمعا لصوت داخلي مجهول، يحضه على السرقة عدة مرات. من خلال هذا التحول في شخصيته، يفند برجس الكثير من الإشكاليات الاجتماعية العالقة.

شخصية ليلى على جانب موازٍ، تحمل قضية متعددة الرؤوس. فهي الفتاة الخارجة من ملجأ اللقطاء، هروبا من عار الاغتصاب من قبل مرشدتها، ظانّة أن الحياة في الخارج أكثر براحا، وبمجرد خروجها، ستفتح لها نوافذ من الورد. لكن الصدمة تمسح شخصية ليلى، وتحيلها مع الوقت إلى إنسانة مقهورة، متخفية على هيئة ذكر، وترافق فتيات جرفتهم الحياة إلى بيوت الدعارة، بعد أن كنّ عفيفات.

ولا يكتفي السرد بشخصيتين، حيث يتناول العديد من الأمثلة المسحوقة اجتماعيا وعلى مراحل زمنية مختلفة، فيضيء برجس على شخصية الصحافية التي افتقرت للحب والدفء، لسنوات طويلة، حتى فقدت جدوى العمر.

لكن المصادفة التي صاغها الكاتب، جعلت لقلبها موعدا مع الفرح، حين صار إبراهيم هو أمانها، وبعد أن وقعت أوراقها بين يديه، منحته هذه الأوراق تاريخ حياته، وأصبح سلوك السرد بذلك كأنما رواية تتخلق داخل رواية، فسرد الكاتب شخصية جاد الله والد إبراهيم، الذي يعيدنا إلى زمن النكبة الفلسطينية، 1948، كمواطن يعيش في الأردن، ويسافر ليتعلم الطب في روسيا، ليعود دارسا الفلسفة، مخيبا ظن والده، ويصير فيما بعد معلّما ثوريا، ثم ملاحقا للحكومة، ويتعرض للاعتقال والتعذيب، ليظهر أثر مرضه النفسي، من بعد ذلك، على ابنه طيلة العمر.

ويفتح برجس مسرح السرد لشخصياته، ببعد حر، فلكل شخصية الحق في سرد قصتها، وبطريقة لغوية مغايرة، ومشاعر مختلفة، إذ ليست مشاعر الأنثى كالرجل، وليست مشاعر الفتاة في أول عمرها كليلى، مثل صحافية تمرنت على الوجع لعقدين إضافيين، فقد أتقن الروائى نقل ذلك بكل جرأة حيث تم بناء الشخصيات بطريقة ذكية، حيث سارت بخطى هادئة، نحو منطقة ناضجة من السرد. وصحيح أن لكل شخصية تاريخها مع البؤس، وطريقها الخاص، لكن الكاتب ينجح في تخليق مصادفات تصنع التقاطع والصراع بين الشخصيات.

ويمكن القول إن حبكة العمل تمتلك الذكاء وجمالية المصادفات، إلا أن بناء المصادفة بحد ذاته مبالغ فيه. كما أن خطة سرقة البنك التي نفذها إبراهيم لم ترقَ للخطة الذكية للسرد، فكانت تقليدية مستسهلة.

لغة برجس كانت كلاسيكية بعض الشيء، مختلطة بجمل شعرية حداثية، وجاءت لغته ممتلئة بتفاصيل، بعضها غير مهم للعمل، ولربما كان بإمكانه صياغة حبكته وأحداثه، بعدد صفحات أقل، ففي مرات عدة، أغرق الكاتب في وصف البيئة والمكان، وهو ما لا يخدم تقنية السرد.

الرواية تظهر مقدرة معرفية عالية لدى برجس، وقدرة على تحوير الكثير من الشخصيات الروائية السابقة ضمن سرده، فاستضاف من خلال باطن شخصية إبراهيم، البطل سعيد مهران من رواية ”اللص والكلاب“ لنجيب محفوظ، وكوازيمودو بطل ”أحدب نوتردام“، والأمير ليون ميشكين من رواية الأبله لديستوفسكي، وزيفاكو الروائي الشهير، وغيرها من الشخصيات. كلها كانت أفكارا ذكية ساعدت في طرح صفة تقمص الشخصيات التي انطبعت على إبراهيم، وساهمت في تيهه حتى النهاية.

الرواية رائعة الفكرة مستخدم الكاتب رمز الوطن والعائلة والبيت وهي متعددة الأصوات وبها العديد من المفاجأت، أحببت سير الاحداث والتنقلات مابين الفصول من ماضٍ وحاضر و أحببت ايضاً فواصل “الكوابيس” فهي لم تكن كوابيس بل هي خليط من الخيال والواقع أما مسار التقاء شخوص الرواية رائع جداً ولكن به بعض من المبالغة الغير منطقية كذلك سرقة البنك لم اجد فيها بناء مقنع ، النهاية جاءت صادمة وغير متوقعة ..

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق