من أكثر ما يثير استفزازي فى الكتب تلك الخاصة بالتنمية البشرية ، طرق النجاح المضمونة ، أشياء يجب أن تفعلها قبل أن تبلغ سن كذا ...... الخ هذه النوعية من الكتب التى أصنفها تحت بند ( كتب تم تأليفها فى الغرف المكيفة ) حيث يقدم لك الكاتب خطوات النجاح وكأنها دليل المستخدمين الذى نحصل عليه عند شراء جهاز ما حتى نضمن تشغيله والاستفادة منه بنجاح وعدم الوقوع فى أخطاء تكلفنا غالياً نتيجة سوء استخدامنا أو لنقل عدم اتباعنا الوصفات والتعليمات بالحرف كما وردت فى كتاب السيد المؤلف الذى يزعم أنه يضمن لنا النجاح وتحقيق الآمال والأحلام !!!.

لهذا أنا لا أقرأ هذه النوعية من الكتب على الإطلاق. من قال أن الخطوات التى اتبعها الكاتب ستجدي مع الأخرين وستحقق نفس النتائج ؟!! هل الجميع يمر بنفس الظروف التى مر بها الكاتب بمنتهى الدقة ؟ هل الجميع مؤهل أصلاً لخوض وتنفيذ تلك الطريقة التى نجحت مع الكاتب ؟ وغيرها من الاسئلة التى لا يطرحها عليك الكاتب بتاتاً قبل أن يتحفنا بنصائحة الثمينة.

فى كتاب الشوكارا وجدت النقيض تماماً. لا نصائح جاهزة أو خطط محددة أو افعل كذا ولا تفعل كذا ... الخ. هذا هو بيت القصيد وهذا هو ما برع فيه الكاتب/ أيمن حويرة ولم يقع فى الفخ المعتاد لهذه النوعية من الكتب. لماذا لم يقع فى الفخ ؟ الإجابة ببساطة أنه لا توجد خطة واحدة تصلح مع الجميع بنفس درجة النجاح فما بالك من الفشل فى تطبيقها من الأساس مع البعض ؟. نحن لسنا آلات سيتم برمجتنا بأوامر وأفعال محددة. نحن لسنا علب بولوبيف يتم انتاجنا بالجملة ولا فارق بين علبة وأخرى. نحن بشر. كل منا له عقلية ، تجارب ، تركيبة نفسية مختلفة عن الأخر. لذا لا تعطينى خطط محددة. اذا أردت أن تساعدني عليك بطرح إطار ومبادىء عامة والأهم أن تطرح بدائل عديدة للإختيار كى يتسنى لكل شخص اختيار ما يناسبه.

هذه هى فلسفة هذا الكتاب. لنكن أكثر دقة هى فلسفة حياتية متخيلة قدمها الراحل - الدكتور أحمد خالد توفيق - فى احدى رواياته فى سلسلة ما وراء الطبيعة وقام السيد أيمن بتبني هذه الفلسفة وتطبيقها على الحياة العامة بشكل أكثر وضوحاً من مجرد حبكة روائية.

هذه الفلسفة نطبقها جميعاً دون أن ندري بشكل أو بأخر. تنقسم فلسفة الشوكارا إلى قسمين: قتال سلبي وقتال إيجابي فى الحياة طبعاً. القتال السلبي له مراحل متعددة كما ستعرف فى الكتاب وعليك أن تتقنها بما يتناسب مع ظروفك أنت وطريقة تفكيرك .... الخ. بعد ذلك ستجد نفسك مدفوعاً لخوض القتال الإيجابي وهذا أيضاً له مراحل عليك أن تخوضها تدريجياً ودون اندفاع.

هل كل هذا يضمن لك النجاح وأن تصبح زهرة زرقاء نادرة ؟ بالطبع لا. النجاح والفشل مسائل نسبية وليست ثابته عند الجميع.

سر اعجابي بهذا الكتاب الصغير حجماً هو أنه لا يلعب دور الناصح الأمين والعالم ببواطن الأمور. هو فقط يوضح لك العديد من البدائل والخيارات وأنت عليك أن تعرف ما هو الأفضل لك وتخوض التجربة بالشكل الذى يتناسب مع طريقة تفكيرك ، أهدافك فى الحياة ، تركيبتك النفسية وأخيراً أولويات المكسب والخسارة والتى بكل تأكيد ليست ثابتة عند الجميع.