اقتنعت أخيرا بأن على أن أجد الشيخ زعبلاوى
ما زال نجيب محفوظ يبحث عن الحقيقة في أغلب انتاجه الأدبى حتى و لو في قصة قصيرة في هذه المجموعة كزعبلاوى
و لكن ما بال نجيب و هذه الأسماء العجيبة
بطلنا هنا يبحث عن الشيخ زعبلاوى الذى عنده دواء لكل العلل فهو شيخ الأولياء و نهاية الطريق
يذهب في كل مكان للبحث و كل مكان عبارة عن رمز يحيلنا الى حقيقة الشيخ زعبلاوى و هل يمكن أن نجده في هذا المكان أم أن زمانه قد ولى
يذهب بطلنا الى مكتب محاماة شرعية و أنى له أن يجده في وقت لم تعد للقانون هيبته و لا للشرع سلطته
يحيله الناس الى اخر مكان رأوه فيه و هو ربع البرجاوى بالأزهر
و لكن هيهات أيضا أن يجده بالأزهر فلم يعد الأزهر كما كان فذهبت منه الحقيقة و لم يبق إلا الزيف و عندما يذهب يجد المكان و قد تحول إلى مكان لبيع الكتب القديمة من دينية و صوفية
يلجأ بعدها لشيخ الحارة رمز العلم و المعرفة فيجيبه
هو حى لم يمت و لكن لا مسكن له و هذا هو الخازوق. ربما صادفته و انت خارج من هنا على غير معاد و ربما قضيت الأيام و الشهور في البحث عنه دون جدوى
يقال له أنه كان صديقا لحسانين الخطاط و عندما يذهب اليه يقول له
زعبلاوى! يا سبحان الله ! الرجل اللغز ! يقبل عليك حتى يظنوه قريبك و يختفى و كأنه ما كان .... في وجهه جمال لا يمكن أن ينسى ... و بفضله صنعت أجمل لوحاتى.
الشيخ جاد الملحن أيضا يؤكد أن زعبلاوى هو من ألهمه كل ألحانه
و يؤكد له أيضا أن الإلهام لا يأتي إلا بالسعى و أن السعي لا يأتي إلا بالعذاب و هذا العذاب هو من ضمن العلاج
هذا الرجل العجيب يتعب كل من يريده . كان أمره سهلا فى الزمان القديم عندما كان يقيم في مكان معروف، اليوم الدنيا تغيرت، و بعد أن كان يتمتع بمكانة لا يحظى بها الحكام بات البوليس يطارده بتهمة الدجل فلم يعد الوصول إليه بالشىء اليسيرو لكن اصبر و ثق انك ستصل.
تعلق بالأمل الأخير الذى يقول بأن الزعبلاوى يسهر أحيانا عند الحاج ونس الدمنهورى و هو رجل يسكر حتى لا يميز شيئا من سكرته و لا يتكلم الا إذا أخذته نشوة السكر و يشترط ألا يسأله بطلنا عن شيء حتى يغيب عن الوعى مثله.
و عندما يغيب صاحبنا عن الوعى يرى حلما أنه في حديقه يحفها الغناء و اللهو و الطرب و يستيقظ على المفاجأة الكبرى أن زعبلاوى جاء و هو نائم و ربت على كتفه و حاول إفاقته و انعاشه بالماء و لكنه لم يستيقظ فذهب دون حتى أن يراه. فيخرج ذاهلا عن نفسه و عن الدنيا و عن كل شيء.
و تنتهى القصة كما بدأت بجملة تنم عن الأمل و الطموح يصاحبها الرضا و التسليم
حسبى أننى تأكدت من وجود زعبلاوى بل و من عطفه على مما يبشر باستعداده لمداواتى إذا تم اللقاء.
إنها الرمزية يا عزيزى نجيب التي أتقنتها و أتعبتنا و أمتعتنا بها
فالبطل هنا لا يبحث إلا عن الدين. عن الحقيقة المطلقة التي هي داء لكل العلل النفسية.
لم يهدأ له بال إلا و بحث عنها في جميع مظانها من الشرع و القانون الظاهر إلى عرين الدين المتجسد في المساجد و القلاع الدينية الرسمية إلى العلم ممثلا في شيخ الحارة إلى الفن و أهله إلى الصوفية أهل السكرة اللذين لا يمسون الحقيقة إلا و هم في غيبة تامة عنها.
و لكل من هذه الأماكن نصيبه و كلها مر عليها زعبلاوى فأحدث فيها أثره و لن تشفى من داء السعي إلى الحقيقة إلا بتلك المشارب على اختلافها حسب ما وصل إليه المجهول بطل القصة في النهاية.