على هامش الحياة ولد و عاش. تلاطمته الأمواج تلقيه كل موجة للأخرى باحثا عن شط النجاة و متمنيا في كل لحظة أن يبتلعه البحر لا أن يلفظه. نراه كل يوم ملقيا على الرصيف نائما أو مستلقيا و مادا يده و تارة أخرى نراه في الجريدة مقبوضا عليه بتهمة التشرد أو التحرش أو الجرائم الصغيرة المروعة التي لا يرتكبها إلا الفقراء
بدأت أدرك أن النساء يبكين أكثر من الرجال. يبكين و يكففن عن البكاء مثل الأطفال. أحيانا يحزن حين يفكر الواحد أنهن سيفرحن و يفرحن حين يفكر الواحد أنهن سيحزن. متى يحزن؟ و متى يفرحن؟! رأيت أمي تبكي مرة و هي باسمة! أهي حمقاء؟!
عن النشأة في اللاوعي المجتمعي حيث لا يراه المجتمع إلا كحشرة تلتقم ثدي المزابل تبحث عن رزقها في مخلفات البشر و تنام ليلا في المقابر أو زرائب الحيوانات. أهوال الشارع و علامات التطبع بالجهل مع الأمل الغامض بأن هناك نور في نهاية النفق و هناك أصلا نهاية لكل هذا العبث.
تأملت الباب المصفح و فكرت: إن هذا الباب أكثر صلابة من البابين اللذين أغلقا علي من قبل. الأبواب تزداد صلابة. أخيرا ها أنا في سجن حقيقي.
الدائرة تضيق و الحلقات تكاد تنطبق و لكن الفرج حتما سيأتي و ستشرق شمس الصباح من جديد
أخي صار ملاكا و أنا سأكون شيطانا. هذا لا ريب فيه. الصغار إذا ماتوا يصيرون ملائكة و الكبار شياطين. لقد فاتني أن أكون ملاكا.