الهويات القاتلة > مراجعات رواية الهويات القاتلة > مراجعة Mohammed Makram

الهويات القاتلة - أمين معلوف
تحميل الكتاب

الهويات القاتلة

تأليف (تأليف) 3.7
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

تسهيلا للأمر نجمع الناس الأكثر اختلافا تحت الاسم ذاته. و تسهيلا للأمر نعزو لهم أيضا جرائم و أفعالا جماعية و أراء جماعية: "لقد ذبح الصرب .." . "لقد هدم الإنجليز ..". "صادر اليهود .." . "أحرق السود .." . "يرفض العرب .." و دون أي اضطراب نطلق الأحكام على هذا الشعب أو ذاك. فهو شغيل أو ماهر أو كسول أو حساس أو ماكر أو متكبر أو عنيد و هذا ما يؤدي أحيانا إلى إراقة الدم.

يبدا التدريب باكرا جدا منذ الطفولة الأولى. إذ يقوم الأهل عن قصد أو غير قصد بتشكيل الطفل و تكوينه و ترسيخه بالمعتقدات العائلية و الطقوس و المواقف و الأعراف و اللغة الأم بالتأكيد. ثم بالمخاوف و التطلعات و الأحكام المسبقة و الأحقاد. و كذلك بمختلف مشاعر الانتماء أو الـ لا انتماء.

كان من حسن حظي أني لم أُختبر بقسوة. و كان من حسن حظي أني خرجت باكرا جدا من الأتون مع أهلي سالمين. و كان من حسن حظي أني حافظت على نظافة يدي و ضميري شفافا. و أقول حظ لأن الأمور كان يمكن أن تجري بشكل مختلف تماما لو أنني كنت في السادسة عشرة من عمري في بداية الحرب في لبنان بدلا من السادسة و العشرين. أو لو أنني خسرت شخصا عزيزا علي. أو لو أنني انتميت إلى وسط اجتماعي أخر أو طائفة أخرى.

عندما يرتكب عمل ذميم باسم عقيدة ما. أيا كانت. لا تصبح هذه العقيدة مذنبة. حتى لو كان من غير الممكن اعتبارها غريبة كليا عن هذا الفعل. فبأي حق أستطيع أن أؤكد مثلا أن طالبان أفغانستان لا علاقة لهم بالإسلام. و أن بول بوت لا علاقة له بالماركسية. و أن نظام بينوشه لا علاقة له بالمسيحية. أنا مضطر كمراقب إلى أن ألاحظ الأمر. في كل حالة من هذه الحالات. يتعلق باستخدام محتمل للعقيدة المعنية. و هو ليس الاستخدام الوحيد بالتأكيد. و لا الأوسع انتشارا. و لكن لا يمكن التعامل معه باستخفاف.

من العبث الاستغراق في الكتب المقدسة و مراجعة التفاسير و جمع الآراء (للحكم على العقائد). إذ سيكون هناك دائما تأويلات مختلفة و أراء متناقضة. بالاستناد إلى الكتب ذاتها نستطيع قبول الاستعباد أو تحريمه. تبجيل الأيقونات أو رميها في النار. منع الخمر أو السماح به. المناداة بالديموقراطية أو الثيوقراطية.

كل المجتمعات الإنسانية عرفت كيف تجد على مدى القرون. الشواهد المقدسة التي كان يبدو أنها تسوغ لهم ممارساتهم الآنية. لقد تطلب الأمر ألفين أو ثلاثة آلاف سنة كي تبدأ المجتمعات المسيحية أو اليهودية المستندة إلى الكتاب المقدس بالتفكير بأن عبارة "لا تقتل" يمكن أيضا تطبيقها على عقوبة الإعدام. بعد مائة عام سيقولون لنا أن الأمر بديهي.

إن النص لا يتغير. و لكن النص لا يؤثر على حقائق العالم إلا من خلال رؤيتنا. و هي تتوقف في كل عصر عند بعض الجمل و تمر على أخرى دون أن تراها.

لم كان التطور في الغرب إيجابيا إلى هذا الحد و مخيبا للآمال في العالم المسلم؟ لماذا عرف الغرب الذي يمتلك تاريخا طويلا من التعصب و كان يصعب عليه دائما التعايش مع الآخر. كيف ينتج مجتمعات تحترم حرية التعبير. في حين أن العالم المسلم الذي مارس التعايش لزمن طويل يظهر هذه الأيام كمعقل للتعصب؟

يجب التصرف بشكل (يضمن) ألا يشعر أي شخص بأنه مستبعد عن الحضارة المشتركة التي تولد حاليا. و أن يتمكن كل شخص من إيجاد لغة فيها هويته و بعض رموز ثقافته الخاصة. و أن يتمكن من التماهي و لو قليلا بما يراه ينبثق في العالم الذي يحيط به بدلا من البحث عن ملجأ في ماض يظنه مثاليا.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق