ورددت الجبال الصدى > مراجعات رواية ورددت الجبال الصدى > مراجعة Rudina K Yasin

ورددت الجبال الصدى - خالد حسيني, إيهاب عبد الحميد
تحميل الكتاب

ورددت الجبال الصدى

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب رقم 70/2023

ورددت الجبال الصدى And The mountains Echoed

خالد الحسيني Khaled Hosseini

""عرفتُ أن العالم لا يرى ما بداخلك، أنه لا يهتم مثقال ذرة بالآمال والأحلام، والأحزان، التي تختفي خلف قناع الجلد والعظم. كان الأمر بهذه البساطة، والعبث، والقسوة"

"بالنسبة إليَّ، كان الأمر معكوسًا. تقولين إنكِ كنت تشعرين بوجود ما، لكنني لم أكن أشعر إلا بغياب. ألم غامض من دون مصدر. كنت مثل المريض الذي لا يستطيع أن يُحدِّد للطبيب الجزء الذي يؤلمه، فقط يحس بالألم

"الحقيقة مراوغة، مثل بصيص ضوء واحد ضئيل في البعيد، يرتعش فيومض ويختفي، ولا يكف عن الحركة، عن التراجع إلى الوراء"

تميزت هذه الرواية للكاتب الافغاني خالد الحسيني ببطولة الحدث بعكس عداء الطائرة رواية الشخص ذاته. و يغلب الطابع السردي عليها رغم انتقال الكاتب في الزمان و المكان و بين شخصيات تبدو في البداية تائهة عن بعضها البعض. إلا أنه يربطها بمهارة مع الوقت, مما يدل على فهمه العميق لصيرورة أحداث الحياة. في الزمن حيث يذهب زمن الرواية الى الفترة الملكية من عام 19950 الزمن الماضي الى عهد كتابة هذه الرواية 2014 سنة النشر بعدد صفحات 365 صفحة ، وهي تحتوي على تسعة فصول، يختار الكاتب لفصوله عناوين تشير إلى فصول السنة، مع تحديد العام الذي تنطلق منه. يستهلها بخريف 1952، يعود بعدها إلى ربيع 1949، لينتقل إلى ربيع 2003، ويعود إلى شباط 1974، ثم يقفز إلى صيف 2009 ليختم بخريف وشتاء 2010. لينقل صور مائة عام من المعاناة والقهر والحرب والضياع والنفي

"في الأمام…ما وراء الخير والشر …هناك حقل …سألتقيك به» ..هكذا يستهل حسيني روايته بمقولة الرومي في أول اشاراته للقاريء، فعكس أعماله السابقة يقدم حسيني شخصيات ليست خيرة مائة بالمائة ولا هي شر مستطير نماذج انسانية..نراها و قد نكون أحدها، وثاني اشاراته فهي حكاية يحكيها سابور بمعنى صبور او الصبر ، ذلك الأفغاني الفقير الذي حكى لابنه عبد الله في الليلة الأخيرة قبل رحيله إلى كابول ليبيع طفلته «باري» لعائلة ثرية يعمل لديها شقيق زوجته «بروانة»، يحكي سابور عن غول مفترس يهاجم القرى، ويختار ضحاياه عشوائياً، يطلب من رب البيت تسليمه أحد أبنائه قبل الفجر، وإن لم يفعل يقضي على أولاده جميعاً ويقتلهم. وتكون الفظاعة في اختيار الأب التضحية بأحد أطفاله لإنقاذ الآخرين" وهنا الاب في محاولة اقناع الابن يخبره انه .«عليه أن يقطع أصبع ليحافظ علي اليد»، لكن الأب في الحكاية الخرافية لا ينسى ولده برغم أن الغول منحه شراب سحري ينسيه طفله، بعد أن رأي صغيره يلهو سعيدا في حدائق قصر الغول..يبقي الأب يسمع من الجبال صدى يناديه ولا يفهمه..إنه صوت الفقد و الغياب ..نداء جزء من القلب يذهب به شخص بعيد الحنين إلي مجهول أو معلوم.

.

تلك الحكاية تكون وسيلة إقناع سابور لنفسه وقناعاً لقراره بتسليم ابنته الصغيرة باري للمرأة التي يعمل لديها "نبي"، أخو زوجته "بروانة"، ولاسيما أن باري تعيش مع أخيها عبد الله بعد موت أمهما وزواج أبيهما من بروانة في حالة فقر قاسية والاشخاص فيها كل واحد له همه الكبير .نبي الذي يعمل في خدمة السيد وحداتي يتعلق بزوجته نيلا، لكنه لا يجرؤ على البوح بذلك، ويكون وحداتي بدوره متعلقاً بنبي دون أن يجرؤ على الإفصاح عن رغبته الشاذة في المجتمع الأفغاني..ونيلا وحداتي تقدم على أنها شاعرة أفغانية رائدة جريئة، وهي التي تنحدر من أسرة متنفذة، والدها كان مستشاراً للملك أمان الله ووالدتها فرنسية، تقرر بعد مرض زوجها الثري وشلله الهجرة إلى باريس بعيداً عن وحشة كابل وعبثيتها وقيودها، وتهرب بابنتها المتبناة.

كل شخصية في هذه الرواية ترتبط ببؤرة الفكرة العامة لها "التضحية بفرد من أجل أن يحيا الاخرين" وقصصهم جميعا تصب في المعين نفسه...لكن عبقرية العمل تكمن في تحليل كل شخصية على حدا ومن ثم ربطها بباقي أجزاء العمل...ومن خلال هذه التجزئة نلحظ بعمق ضعف النفس الإنسانية الحقيقي المتمثل بأوجه عدة....ضعفها أمام المال...ضعفها أمام رغباتها ونزواتها...أنانيتها ونرجسيتها تارة...وتفانيها وإيثارها الآخرين تارة أخرى...فالقارىء لحكايات شخوص القصة لا يدين إحداها إطلاقا ولا يتعاطف كليا معها كذلك...وهذا ربما ماأراده الحسيني...فلا خير مطلق في الإنسان ولا شر كذلك...الاثنان موجودان فيه بنسب متفاوتة واحيانا يغلب أحدهما الآخر حسب تركيبة الفرد نفسه ونزعاته...نلحظ أن كل فرد فيها له عالمه الخاص الذي عاش به ...لكنه عالم تنقصه فكرة الرضا...هل هو راض عمايعيشه ومرتاح له...أم أنه يشعر أن ثمة شيء ينقصه....وعلى صعيد آخر هل استطاع تجاوز الماضي والوقوف على عتبات الحاضر دون أن يلتفت إلى الوراء.؟

هل الندم وحده كاف لتجاوز الأخطاء أم أنه مشاعر مؤقتة يقنع الإنسان بها نفسه لتسويغ الحدث ، ومن ثم الجيل اللاحق هل يتحمل قرار السابقون أجيال رحلت عن أفغانستان بهمومها وآمالها بحياة أفضل...وأخرى عادت إليها باحثة عن المعنى الحقيقي للجذور التي نرتد إليها دوما لأن لكل شيء على وجه هذه البسيطة أصل يرتبط به ويتصل... فالإنسان بطبعه وفطرته لا يستطيع العيش بمنأى عن عائلة يخط معها تاريخا مشتركا يشكل الركيزة لهم جميعا.

الرواية ملأى بالعبر وثرية بالمعاني الإنسانية ...هي ملحمة تجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل كل زمن وحقبة بعيون معاصريها ، هي دراسة نفسية تستكنه ظلمات النفس وتعريها وتتجول بين مخابئها وتكاشفها ..تجمع المشاعر المتضادة جميعها الحب.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق