حديث الجنود > مراجعات رواية حديث الجنود > مراجعة Rudina K Yasin

حديث الجنود - أيمن العتوم
تحميل الكتاب

حديث الجنود

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب رقم 61/2023

حديث الجنود

أيمن العتوم

ذا أردت أن تُفشل عملاً فشكّل له لجنهً للمتابعه،وإذا أردت أن تُمزّق شعباً فاصنع من كل مواطن فيه زعيماً ،وإذا أردت أن تقتل وطناً فأطلق المنابر للمُتسابقين في هواه.

الوطن ليس جغرافيا ; إنّه قيمة ; الحب والكرامة والفداء والإباء والعدل ... الوطن إيمان المُخلِص , وتضحية العاشق . الوطن ثبات على المبدأ في ضجّة البائعين , وتشبّث بالحرية في سوق النّخّاسين . الوطن أنتَ وأنا وأولئك الّذين يجمعهم الضّمير النّقيّ والغاية الشّريف

سنذهب الى عام 1986 واحداث جامعة اليرموك حيث كان الكاتب طالبا بكلية الهندسة بالجامعة مع 470 صفحة واصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2014 مع العلم ان الرواية منعت من التداول بالاردن وحوكم الكاتب بسببها.

كعادة الشباب عمل الشباب الاردني ضمن حركة الجامعات ﻣﺜﻠﺖ ﺍﺣﺪﺍﺙ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻴﺮﻣﻮﻙ ﺍﻫﻢ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻄﻼ‌ﺑﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺸﺎﺀ ﺍﻭﻝ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﻃﻼ‌ﺑﻴﺔ ﺧﻼ‌ﻝ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ، ﻓﻘﺪ ﺍﺑﺪﺕ ﺗﻴﺎﺭﺕ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﺔ ﻭﺗﻴﺎﺭ ﺍﻻ‌ﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﺧﻼ‌ﺻﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻄﻼ‌ﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﻓﻲ ﺍﻻ‌ﺣﺪﺍﺙ، ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﻟﻤﻘﺎﻃﻌﺘﻬﺎ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ا انتخابات المواقع التعليمية في العام التالي احتجاجا على هذه الأحداث دور مهم في تكريس هذه الشعبية الطلابية.

وصلت الاوراق الى اكاتب ايمن العتوم من الاشخاص انفسهم الذين عاشوا الحدث انفسهم وتحديدا في أيام وليالي شهر رمضان المبارك في مايو/أيار 1986، حيث الجرح الكبير الذي اصاب الحركة الطلابية بالاردن من خلال القتلى والجرحى وما اصاب الجامعة حيث حصلت الجامعة على انذار اول بسبب دخول الامن الى الجامعة فالرواية هنا هي ملخص الذكريات الأليمة لقائد تلك الاحتجاجات ورفاقه الطلبة، والجميل هنا أنّ ذلك القائد والكثير من رفاقه ما زالوا على قيد الحياة إلى الآن، وهم من وضعوا أوراق جروحهم التي كتبوها في لحظات الألم والخوف بين يدي كاتبنا المبدع أيمن العتوم، وبرأيي فنعم من اختاروا لأنهم لن يجدوا من هو أجدر منه ليروي لنا حكايتهم.

ورد القائد هو احد الطلاب الفلسطينيون الذين يدرسون بالاردن من خلال منحة ملكية او مكرمة ملكية كان الملك الاردني الحسين بن طلال قد خصصها للطلاب فمن طول كرم الى اربد وجامعة اليرموك للدراسة وليرصد مكانا وزمانا مختلفين حيث وجد نفسه عالقا بل قائدا لاحداث الجامعة ربما الأقدار هي التي ساقته ليكون في ذلك المكان والزمان ليوثق الألم بالقلم، ويرسم الجراح بالدموع والدماء، حيث احتفظ بشهادات الطلاب وما حدث ..

وهو ايضا بطل الرواية وقائد الاحتجاجات الطلابية، والقائد الذي اصبح مسؤولا عن الاحداث حيث وجد نفسه امام حمل كبير لانقاذ الطلاب من المعاناة وألالم والحيرة كما كان يشعر بها ذلك الورد، فقد وجد نفسه في منتصف جسر أوله نار وآخره نار وتحته نار، ولا يعرف أين يتجه، ويا ليته وحده لكان سلّم أمره للأقدار وهو يبتسم، لكنه وبلا مقدمات، وجد الأرواح تلتصق به من كل جانب حتى وصلت الأعداد للآلاف، فلا هو انهار من البداية فسقط، ولا أسعفته الظروف لينجو بتلك الأرواح، وكل دقيقة تزداد الجموع التصاقا به حتى ما عاد يقوى على ذلك الحمل الثقيل، حياة الشباب والشابات، مستقبلهم، دراستهم، سجلهم الأمني وعدم محكوميتهم…! كلها صارت بكف ورد، يا لها من كارثة.

نعيمة.. إن كان للوفاء معنى وللصبر عنوان، فهي تلك المرأة التي استشهد زوجها طيارا يحارب الأعداء، فما غابت ذكراه عنها 3 عقود، وما فقدت رائحة ملابسه طهرها، ولا نياشينه بريقها، ولا زوجته وفاءها. وأقول زوجته لا أرملته، لأنك حين تقرأ الرواية ستعرف أنهما معاً دوماً، إما في حياتها معا أو في مماته معا، ، وكان ورد ينتظر بلهفةٍ أن يزورها ويطمئن عليها مجازفاً ومعرضاً نفسه للقتل أو الاعتقال. وكما كانت نعيمة وفيّةً لزوجها 30 عاما، كانت كذلك وفيّةً لإرثه وتاريخه، وعرفت لمن تسلم الأمانة قبل أن تسلم الروح إلى بارئها، فأودعت كل ذكرياتها إلى ورد لأنه أهل لحمل تلك الأمانة.

أما خال ورد فقد كان مفكرا كبيرا خاطر بحياته من اجل ورد وهو من علمه كيف يقود الثورات لكن خاله بعد احداث الجامعة قرر الرحيل لانه لا يطيق العيش في وطن كان فيه غريبا، ففضل الغربة في الغربة على الغربة في الأوطان، وعنده حق، فالأولى على مرارتها أقل ألماً من الثانية، لأن الإنسان حين يكون غريباً في وطنه، فإنه يخشى أن يدفعه ذلك لكراهية الوطن، وهو ما لا يطيقه الأوفياء والمخلصون، فيفضلون الفراق حتى يبقى للوطن جماله في أعماقهم.

اصدقاء ورد ايضا كان لهم نصيب فهم مثلوا الفكر السياسي والايدلوجيات التي كانت سائدة في تلك الفنترة في سكن الطلاب ، فهم الإخواني والشيوعي واليساري اصبحوا جنباً إلى جنب في مواجهة عنجهية رئاسة الجامعة والقبضة الأمنية التي فرضت عليهم فيما بعد. فهم كانوا أصحاب فكر وثقافة وشجاعة، مثقفين مبدعين يحملون المبادئ والقيم والإيثار والتضحية، ويتجلى ذلك في يوم اقتحام جامعتهم من جحافل الجيش والأمن بعد أن فقدت رئاسة الجامعة ولايتها العامة على جامعتها، وسلمت براعمها الطلبة للقبضة الأمنية التي عبثت بالجامعة وفعلت ما فعلت

حديث الجنود وأي حديث، ألم وعذاب وخوف وسجن وقبضة امنية وصراع فكري ابدع الكاتب فيها في نقل الفكر لسياسي عبر شوارع وحارات مدينة اربد احد المدن الاردنية فهذه التفاصيل الصغيرة التي ذكرها الكاتب في الرواية جعلتنا ننظر إلى أعماق أعماقها، فتراك تهتف مع جموع الطلبة في الساحات، وتراك تقفز معهم من فوق الأسوار للهروب والاختباء، حتى أنك تدخل في صندوق سيارة "أبو أسيد" برفقة ورد، ويضيق صدرك كما ضاق صدره حتى خرج من الجامعة بسلام.

انتهت الأحداث بالقوة الأمنية، ولكن ألم الذكريات لم ولن ينتهي أبدا، أرواح فاضت إلى بارئها تحت أقدام العساكر، وأحلام دُفنت قبل أن تولد، وعقلية بوليسية دفعت وردا بعد أن نجا بأعجوبة إلى مغادرة الوطن مثل خاله تماماً، لأنه لم يستطع أن يعيش غريباً فيه، ففضّل الفراق على أن يكره وطنه وأرضه، ولكن المبدع أيمن العتوم أعاده ثانية إلى الوطن، إلى إربد، إلى اليرموك، فعاد نزيف الذكريات من جديد.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق