ظلال المفاتيح > مراجعات رواية ظلال المفاتيح > مراجعة نهى عاصم

ظلال المفاتيح - إبراهيم نصر الله
تحميل الكتاب

ظلال المفاتيح

تأليف (تأليف) 4.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الملهاة الفلسطينية ثلاثية الأجراس

ج١ ظلال المفاتيح ل إبراهيم نصر الله

ناحوم ضابط في دبابة صهيونية يبحث في قرية "النبعة الفوقا" عن بيت أم جاسر، يشي راعٍ بمكان البيت فتتوجه الدبابة إلى حيث الدار:

❞ أخذ ناحوم نفسًا عميقًا، وفكّر: قذيفة واحدة ستريحه مما هو فيه إلى الأبد.. ❝

فما هي ذكرياته عن أم جاسر؟!

نعود بالزمن مع الكاتب إلى عام ٤٧.. حيث ناحوم وأم جاسر-مريم- لقد كان ناحوم مراهقًا مجندًا انسحبت فرقته نحو الغرب بينما علق هو في الشرق ومعه رصاصة الحظ، هي رصاصة أطلقها على فلسطيني فأرداه قتيلًا وكان هذا معروف قام به قادته كي يقول مجاهرًا قالت فلسطيني، وطلبوا منه الاحتفاظ بالرصاصة، جعلوه يحفر بخنجره في الجسد المسجى حتى استردها ليحتفظ بها لتكون رصاصة حظه كما زعموا له..

أخذ يمشي حتى شاهد ضوءًا خافتًا فذهب إليه:

❞ وهو يستعيد حكمة أبيه الأثيرة: إن أفضل مكان يمكن أن تختبئ فيه هو بيوت أعدائك؛ فهي الأكثر أمانًا من غيرها! أما أفضل حياة يمكن أن تعيشها، فهي الحياة التي تعيشها في تلك البيوت بعد أن تتخلّص من أولئك الأعداء! ❝

وجدته أم جاسر ولأنه في عمر ابنها جاسر، ولأنه لم يقتل أبدًا -كما حلف لها كذبًا- فقد خبأته أيامًا حتى تهدأ القرية ورجالها.. بل وأخرجته من القرية مع زوجها مودعة وقالت:

❞لا تبكِ هنا، ابكِ عند أمّك، إنها تنتظرك❝.

وعندما نسف بيت مريم ولا تدري شيئًا عن زوجها وأولادها وابتعدت عن بيتها وقريتها:

❞ كل الأشياء كانت تبتعد، وهي تبتعد: الأرض تبتعد، السماء التي تعرفها، الأشجار، البئر، البيدر، المدرسة، المضافة، وروحها تبتعد أيضا، تفارقها.❝

ولكن رغم كل هذا ورغم التهجير:

❞ كانت أصوات المفاتيح المعلقة في رقاب النسوة، تتردّد مثل قرع جرسيّات كنائس مهدّمة. كانت مريم تسمعها، وتبكي، ويحيرها كيف ترتطم المفاتيح بعضها ببعض، ويصدر عنها هذا الصوت الحزين، وليس هناك سوى مفتاح واحد معلّق في صدر كلّ واحدة منهن! وعندما اختفت القرية، خلْفها، تصاعدت أصوات المفاتيح أكثر. ❝

وحينما فجر ناحوم القرية التي أوته ردد في نفسه: لو لم يكونوا مُذنبين، لو لم يستحقّوا العقاب، لما أرسلهم القدر إليّ لأنتقم منهم.

أغلق عينيه، ونام. ❝

وبعد عقدين من الزمان وفي عام ٦٧، يعود ناحوم للبحث عن أم جاسر متسائلًا:

❞ آخر ما خطر ببال ناحوم أن تكون أمّ جاسر قد ذهبت إلى عـمّان، وفكّر: هل علينا احتلال عمّان إذا ما أردتُ الوصول إليها؟! ❝

ياله من صلف يهودي..

يجدها ناحوم ويهديها هدية أمام زوجها والمختار وأهل القرية ومن خلفهم دبابة إسرائيلية مسلطة مدفعها على الجميع، فهل ستقبل هديته هذه؟!

ها هي أمه تقول له:

❞ أتعرف يا ناحوم، يخيّل إليّ أحيانا، لو كان الموت الذي عرفناه في برلين أقلّ، لما كنتُ تركتها. ❝

وبعد عقدين آخران وفي عام ٨٧ يستكمل الكاتب معنا الحكاية ومريم التي فقدت الكثير من ذاكرتها..

لقد اشترت مريم لوز أخضر من البائع الذي رأى نظرات أهل القرية وفهم ما بها، نقدته حجرًا وطلبت منه الباقي فأعطاها شيكلا رفضته وطلبت منه بقية مالها فأعطاها حجرًا أصغر أخذته راضية..

"تأملت حفيداتها وصديقاتهنّ في الشارع، كنّ يبنين بيوتا على الأرض، برصف الحجارة، أو بإحداث خطوط عميقة في التراب تقول إن هنالك غرفا وساحات ومطابخ وحمامات وحدائق. لعبة أثيرة لدى الأطفال في فلسطين"..

ومثلهن ذهبت إلى قريتها رأس السرو وبنت بالطوب الصغير معالم كل القرية ببيوتها التي كانت منذ أربعين سنة فكان على القيادة أمر ناحوم بالتوجه مع فرقة هائلة إلى هناك..

ما أجمل كلمات الكاتب وأقساها على قلوبنا، فنرى الكاتب يقول:

❞ من أكثر الأمور قسوة وغرابة، أن تشعر أنك بعيد عن وطنك، في الشتات، وأنت ما زلت تعيش في ذلك الوطن. ❝

❞ امتدت يدها إلى صدرها، تحسست مفتاح بيتها الذي هناك، كما لو أنها تتحسس ظلّها وتهدهده، لتطمئن أنها لم تزل على قيد الحياة. ❝

❞ تحسستُ جسد سامي، دفعتُه ليصحو، ليحيا من جديد، لم يصحُ؛ حتى رجاء الأم لا يكفي لكي يستيقظ ابنها المقتول. ❝

❞ وسرتُ إلى أبي، تحسستُ جسده، رجوته أن يحيا؛ حتى رجاء الابنة لا يكفي لكي يستيقظ أبوها المقتول. ❝

❞ هل يذكر أحد منكم إن كانت البيوت قد هاجرتْ معنا في الـ 48؟! كأني لم أنتبه يومها لذلك ❝

مضت بنا الحكاية حتى انتهت، حقًا هي حكاية مفاتيح تنزف وتنوح على بيوتها التي فقدتها، وتحلم بالعودة لها، ومن ظلالها كانت المفاجأة..

#نو_ها

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق