هاتف المغيب > مراجعات رواية هاتف المغيب > مراجعة Mohammed Makram

هاتف المغيب - جمال الغيطاني
تحميل الكتاب

هاتف المغيب

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

يا أمير البراري. يا رأس الإقليم. يا سيد القوم. أنت لم تقطع الطريق المؤدي إلينا في ثلاث ساعات. إنما أنت تسعى إلينا منذ الأزل القديم. ألم تكن بذرة في ظهر أبيك و جدك و جد جدك. ألم تبزغ من الشرق يا من تحوي نفحة الشمس القدسية. يا من تحمل ألم الجراحة بدون غيبوبة. أنت قادم من عين الشمس. من المشرق. و من أقلع من الشروق لا يعود. لا ينثني راجعا. لأنه متجه دائما إلى المغرب. هل رأي أحد من الخلق قرص الشمس يرجع من حيث أتى. من حيث طلع؟!

رحلة غرائبية كالعمر الذي يجري بنا منذ الميلاد للممات. بطل الرواية سمع الهاتف في القاهرة ليرحل باتجاه الغروب و ظل يتنقل غربا و كلما استقر في مكان أتاه الهاتف يستحثه على مواصلة المسير حتى وصل إلى موضع غروب الشمس في المحيط الهدار.

يفكر انه يمضي في طريق ممتد. إذا خطرت له ناصية ظهرت. و إذا استدعى مدخل بناية رآه كما صاغه عقله. و إذا رغب في شرفات مطلة مثلت على الفور. أمامه تقوم بنايات لا تمكث إلا مقدار مرورها عبر وعيه. إذا شرد قليلا اختفت المعالم و انطوت الواجهات و درست الرسوم و امتد ذلك الفراغ المتماهي اللين الذي لا يمكن التشبث فيه بشيء. تماما مثل المحيط. لا أول له و لا آخر. لا يمكن تحديد نقطة بداية و خرى للنهاية. الغروب فيه إشارة. و زرقة الموج لا يطالها إدراك. فيه انتفاضات الحياة. و ارتجافات الموت. عاتٍ .. لا قبل لإنسان به.

خرير ماء ربما ينحدر من مرتفع. أو يتدفق من صنبور إلى حوض من مرمر. يترقرق في جدول مفروش بالحصى.

أصو��ت متداخلة بعضها واضح. تتضمن تساؤلات:

من هو؟

من أين جاء؟

إلى أين وجهته؟

جُست بعيني عند أفق المحيط. من أي فج عميق تنبع هذه الأمواج؟ و إلى أي مستقر تمضي شمسنا تلك. لم يرجع منه أحد. و ما زال القوم يتوقعون عودة الفتية المغرر بهم. رغم أن النساخ أدرجوا رحيلهم في أوراق العجائب.

و كأني به يصور بطل الرواية في القاهرة و كأنه في رحم أمه حتى اذا رحل مع القافلة فهي فترة طفولته و تعلمه ثم الواحة هي فترة المراهقة و البلوغ حتى اذا كان بعمر الرجال آتاه الله الملك و الحكم دون النبوة ثم إذا جاءت بوادر الهِرم راح إلى أرض العكاكيز ليدرك ما لم يدركه بعد من الشهوات و الملذات في أزمات منتصف العمر و يمضي به العمر لنهايته في أرض المغرب حيث يغيب كما تغيب الشمس دون الحاجة إلى هاتف هذه المرة.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق