العمى > مراجعات رواية العمى > مراجعة Mohammed Makram

العمى - جوزيه ساراماجو, علي عبد الأمير صالح
أبلغوني عند توفره

العمى

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.2
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

إن جالك الأعمى .. خد عشاه .. مش هتكون أحن من اللي عماه.

مثل شرقي

هذا هو ما حدث حرفيا في الرواية.

و هكذا هم الأوغاد في كل زمان و مكان. فهو سيأخذ عشاء الأعمى و الأعمى لن يستطيع شيئا حيال ذلك و يبرر النذل لنفسه هذا التصرف بأن الله خلقه أعمى و قسى عليه و لن أكون عطوفا عليه أكثر من خالقه.

بمثل ذلك المنهج المعوج سارت سلوكيات العميان طوال الأحداث إلا قلة قليلة منهم رأت – و يا لها من كلمة في غير سياقها – أنه يجب عليهم الحفاظ على أخلاقهم فهم في النهاية فقدوا أعينهم لا انسانيتهم.

إن كنا غير قادرين على العيش ككائنات بشرية فدعونا على الأقل نفعل كل ما بوسعنا كي لا نعيش كالحيوانات تماما.

حياة جديدة تبدأها مدينة عميت بالكامل فلا ماء و لا كهرباء و ��ا سيارات و لا أمن و لا أمان. حتى الغذاء الموجود هو بقايا ما تم تصنيعه و لا يحتاج لمزيد من الجهد حتى يكون قابلا للأكل.

من الآن فصاعدا سوف لن نعرف من نكون. حتى أننا لن نتذكر أسماءنا. ثم ما نفع الأسماء لنا. إذ إن الكلب لا يميز كلبا أخر. أو يعرف الكلاب الأخرى من الأسماء التي تطلق عليها. فالكلب يعرف برائحته و بالطريقة نفسها يعرف الكلاب الأخرى. و نحن هنا مثل سلالة أخرى من الكلا��. يعرف أحدنا الأخر من نباحه أو كلامه. أما بالنسبة للصفات الأخرى. الملامح. لون الأعين أو الشعر. فلا أهمية لها و كأنها غير موجودة.

في البداية يعهدون للجيش بإدارة الأزمة فيلجأ الجيش لعزل المصابين بالعمى عزلا صحيا في معسكرات مغلقة ثم يستفحل الأمر فيصاب الحراس أيضا ثم يتوغل الداء في المدينة فلا يبقى و لا يذر.

يكفي بالنسبة للجنود أن يتلقوا أمرا كي يقتلوا و آخر كي يموتوا.

و يقال في التراث الشعبي

أنا عبد المأمور

يا لها من جملة غريبة. إنه ليس حتى عبد الآمر بل هو عبد المأمور. فالمأمور أيضا مأمور و قد اتخذ اسمه و سمعته و صيته و صولجان ملكه من تنفيذه للأوامر لا من إصدارها.

يتحكم الخوف في الجميع و يسود منطق الطاعة و لو على حساب المنطق و يظن الناس أن الظلم مقدمة للتنمية و الرخاء لا كما قال ابن خلدون الظلم مؤذن بخراب العمران

قالت الفتاة ذات النظارة السوداء: قد يسبب الخوف العمى.

لم أسمع ابلغ من هذه العبارة. و لا وجود لعبارة أبلغ منها. كنا عميانا تماما. و في اللحظة التي عمينا فيها أعمانا الخوف. و سوف يبقينا الخوف عميانا.

قل لأعمى أنت حر. افتح له الباب الذي كان يفصله عن العالم. و قل له ثانية: اذهب فأنت حر. لن يذهب. سيبقى في مكانه وسط الطريق. هو و الآخرون. مرعوبين لا يعرفون أين يذهبون. في الواقع لا مجال للمقارنة بين العيش في متاهة عقلانية و هذه على وجه الدقة هي مشفى المجانين. و بين الإقدام على مغامرة بلا يد مرشدة. أو كلب برِسن. في متاهة المدينة حيث لن تفيد الذاكرة شيئا لأنها لن تستطيع أكثر من استحضار صور الأمكنة. و تعجز عن استحضار الطرقات التي توصل إليها. كان بوسع العميان أن يشعروا و هم واقفون أمام المبنى المشتعل بكلًيته. بسفع هبات الحرارة الحية على وجوههم. و تقبلوها كأنها شيء ما يؤمن لهم الحماية. تماما كما كانت الجدران من قبلها. سجنا و ملاذ في آن معا. تجمعوا بعضهم إلى بعض. تراصوا كقطيع. لا يريد أي منهم أن يكون الخروف الضال. لأنهم يدركون ألا راعي هناك ليبحث عنهم.

المعجزة الوحيدة التي نستطيع تحقيقها ان نستمر في العيش.

أقول لك مقدما أنت لا تعرف ما يستطيعه الناس. عليك بالانتظار. أن تمنحهم وقتا. فالزمن هو الذي يحكم. الزمن هو المقامر الآخر قبالتنا على الجانب الآخر من الطاولة. و في يده كل أوراق اللعب. و علينا نحن أن نحزر الأوراق الرابحة في الحياة. حيواتنا.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق