مقتل الكومنداتور II - مجاز يتحول > مراجعات رواية مقتل الكومنداتور II - مجاز يتحول > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

مقتل الكومنداتور II - مجاز يتحول - هاروكي موراكامي, ميسرة عفيفي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

"كلما وقفت أمام المرآة أتأمل نفسي، اكتشفت أن ما أراه هو مجرد إنسان فارغ. عدم. أو إنسان من القش."

في الجزء الثاني لرواية "مقتل الكومنداتور" بعنوان: مجاز يتحول، يتم الإجابة على العديد من الأسئلة ويتم ملئ "أغلب" الفراغات التي تركها الجزء الأول، تكتمل رحلة بطلنا، -الذي لم يُذكر اسمه- وتكتمل الحكاية، لنفهم ونتواصل مع ما يُريد "هاروكي" إيصاله من روايته، وفي الحقيقة، هناك العديد من الأشياء الذي كان يُريد قولها، ولا أدعي أنني فهمت كل شيء، ولكنني خرجت من الرواية راضياً عنها بكل تأكيد، وراضياً عن فهمي لها، والأهم من كل ذلك –من وجهة نظري- أنني خرجت مُستمتعاً بكل التفاصيل الخاصة بها.

فدون الخوض في التفاصيل الدقيقة التي ستصبح بمثابة حرق للأحداث، وعندما ترى صورة الرواية بأكملها، تنظر إلى جميع الشخصيات بعدما اكتملت حكايتهم، بطلنا الرسام ومنشكي ومارية، ذلك المثلث الأهم في الرواية، والذي عشنا معه حكايات مختلفة وغريبة، بدأت الرواية بشكل واقعي للغاية –بعيداً عن الفصل الأول الذي لن نفهمه إلا بعد وقت طويل في الرواية، ويظل زمن حدوثه مجهولاً ويطرح تساؤلات مهمة- ثم تدرج الخيال، بروية، ليسيطر في الأحداث عند ذروتها بقرب النهاية، يُشكك هاروكي في كل شيء، كل الثوابت، الواقع، والحقيقة، والوقت، يطرح تساؤلات فلسفية حقيقية، عن طريقة تشكيلنا لمفاهيم وثوابت من العدم، بل ونصر على الالتزام بها وعدم الحياد عنها.

أيضاً، مفهوم الفن في الرواية، فالبطل رسام، ولكن الرسم الفني لا يؤتي بأموال تسد رمق العائلة، فيضطر إلى رسم بورتريهات شخصية حتى أصبح يقوم بذلك بشكل برمجي، فكأنها رسالة أنه وحتى الفن لو أضفنا له العادة والروتين والمال، لأصبح عادياً، رغم شهادة الجميع بأنه رسام موهوب ولديه قدرة هائلة، ولم يكتشف الرسام نفسه إلا عندما ترك رسم البورتريهات واتجه للرسومات التي يجد فيها شغفه، ويكون لديه الدافع دائماً للقيام بها، ولكن، ليست بهذه الطريقة تُدار الأمور.

"ربما كانت كل حياتي حتى الآن خاطئة. غالباً ما أفكر بذلك. ربما أخطأت في طريقتي. ربما كان كل ما فعلته حتى الآن بلا معنى."

يهدم "موراكامي" العديد من الثوابت في العلاقات، من خلال شخصياته، ولو دققت النظر في رحلة كل شخص، ستجده يعيش معاناته الخاصة، يتألم منها في صمت، لا يصرخ ولا يصيح بألمه، فقط يكفيك أن تنظر في عينيه، نظرة طويلة، لتفهم كنه الألم الذي يمر به. في كل روايات هاروكي ستجد الشخصيات عاملاً مُميزاً للغاية، وهنا ليس باستثناء، فالشخصيات لا يُمكنك أن تتوقعها على الاطلاق، ولكن في نفس الوقت، يرسل هاروكي رسالة إلينا، ألا نحكم على أي شخصية، فكلاً منهم يعيش حياته، وتلك الحياة مبنية على قرارات وخطوات، ولن يُصبح مسئولاً عنها، إلا الشخصيات وحدها، فأن تُهاجم شخصية وتقول أن ما قام به خطأ أو ما شابه، ستجده غير مُرحباً به في هذه الرواية، وأنه يكفي فقط أن تتأمل رحلة الشخصيات وحياتهم، دون الحكم أو التدخل، فما الذي يضمن لك أنك عندما توضع في نفس الظروف ألا تتصرف بنفس المنطق والكيفية؟

ختاماً..

أرى أن هذه الرواية بمثابة دليل حي على أحد الرمزيات بداخل الرواية، فهاروكي يكتب ما يُريد، دون تحفظ، دون منطق، دون خوف من أي شيء، يكتب ما يُمليه عليه عقله ورؤيته، ولذلك تجد رواياته مختلفة تماماً، ورغم شهرته الواسعة، فلا أستطيع أن أصنف رواياته بأنها تجارية! على الاطلاق، فمثلاً "مقتل الكومنداتور" لن يُمكنك أن تُحبها إلا لو كنت محباً لهاروكي في الأساس، وطريقة كتابته، ورمزياته المُلغزة، وحكاياته الساحرة التي لا تنتهي، وخياله الواسع المجنون، فهو فقط من يجعل الفكرة شخص له وجود، والمجاز كائن أسود يلتهم البشر بداخله، فعند هاروكي أن تموت كفكرة أفضل بكثير من أن تعيش كمجاز.

بكل تأكيد يُنصح بها.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق