فرديناند المصري - خبيز الحب والغناء > مراجعات رواية فرديناند المصري - خبيز الحب والغناء > مراجعة شريف مصطفى

فرديناند المصري - خبيز الحب والغناء - ماجد أوشي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

"فرديناند المصري.. صناعة الجمال لا تكفي لمواجهة الظلم"

باختلاف معتقدات وأصول البشر تتشكل أفكارنا وبنيتنا النفسية، الفرد يتأثر بكل ما حوله، ويصبح جزءًا لا يملك حق رفض مجتمعه، وربما سيواجه هذا الرفض الشديد في مجتمع جديد ولو ارتبط وجوده بمهنة هادئة ومعنى يضيف للبشر بعض البهجة.

هذا ما حدث مع صديقنا "فريد"، أو "فرديناند"، تناولت صفحات الرواية مرجعيته وحياته وأحداثه المتناقضة، إنسان تعرض للظلم رغم أنه لم يفكر سوى في إدخال الجمال في الطعام!

بلغة سلسلة عذبة، وسرد شيّق عشنا مع "فرديناند"، من بدايته في فرنسا، وحبه للمخبوزات والحلوى، امتلك مهارة وهوية في الخبيز والسكريات، حتى صار مميزًا وتضاعف طموحه إلا أن هذا الطموح كان سببًا في أعظم مصائب تعرّض لها.

رغم بداية دنياه في فرنسا إلا أنه أحب مصر، وصوت أم كلثوم، فعاش بهوية تريد أن تتمرد على المكان والأهل، وتندفع لرحلة جديدة مع المخبوزات في مجتمع آخر.

النص له ثلاثة خطوط زمنية، وقد تعامل معها الكاتب باحترافية شديدة؛ فلم يحدث أي خلل أو تشويش للقارئ، وسارت الأحداث متّسقة بسرد محكم طوال الرواية. الثلاثة خطوط هم: ماضي بعيد لحياة "فرديناند" في فرنسا، ماضي قريب لحياته في مصر، حياة أم كلثوم. وإن كان إخر خط في رأيي هو أقل الخطوط علاقة بالأحداث، وفي أكثر من موضع شعرت أنه يبعدني عن أحداث وتشويق الرواية، ما أضافه هو المزج الروحاني بين مقتطفات من أم كلثوم اجتمعت مع "فرديناند" باستخدام عبارات متشابهة بينهما.

التنقل الزمني كان له أثر كبير في تشويق وحيوية النص، فنرى الحدث الرئيسي في بداية الرواية عند تعرّض "فرديناند" لظلم مفاجئ، لا يتناسب مع مهنته البسيطة الجميلة، صانع للحلوى نال شهرة على أرض مصر، فما الدافع أن يتعرض لهذا الظلم هو وحبيبته "لوتس"؟!

عاش "فريد" في المجتمع المصري حتى صار مصريًا، لكن ربما كثيرون لم يتقبلوا هويته الجديدة، وفوجئ باتهامات وجرائم لم يرتكبها، لم يشعر أنه سوى إنسان يتصرف بعفوية مع ما يحدث حوله، إلى جانب تقديم وصفات جديدة للحلوى.

ربما صنع الجمال هو من يلفت انتباه صاحبه، إما أن يفتح له أبواب السعادة أو يدفعه إلى كرب لا يُحتمل. أنغام "أم كلثوم" و "داليدا"، وروح فرنسا، ورائحة المخبوزات كلها عناصر بسيطة لكن تأثيرها في النفس عميق وجميل، وُظفت في الرواية بشكل احترافي، وجعلتنا نتأمل ونتساءل كيف يمكن توظيف هذا الجمال في حياتنا ضد أفكار التطرف والرفض؟ ما المانع من تبادل ثقافات وألحان وأطعمة ومواقف بحرّية ورقي دون تخوّف واتهامات باطلة؟! ربما رسالة "فريد" وأمثاله ستظل تُكتب طويلًا، لكن متى ستصل ويتحقق ما يشعر به المرء ببساطة مع صوت أم كلثوم وطبق حلوى؟!

نص روائي مبهر في تفاصيله، سرد مشوّق، وهوية جديدة استطاع التفرّد بها، رواية غنية بمشاعرها المتناقضة المؤثرة، نص ترك الكثير من التساؤلات والرسائل، وحقق متعة أدبية خالصة، فهو بالفعل كاسم شخصيته نص "فريد".

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق