ألف شمس ساطعة > مراجعات رواية ألف شمس ساطعة > مراجعة Abeer Khaled Yahia

ألف شمس ساطعة - خالد حسيني, إيهاب عبد الحميد
تحميل الكتاب

ألف شمس ساطعة

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

الثيمة التحررية ضفيرة من الأدب النسوي وأدب الحرب

في رواية

(ألف شمس ساطعة)

للكاتب الأفغاني الأمريكي خالد الحسيني

دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم الناقدة الذرائعية السورية

د. عبير خالد يحيي

عن البؤرة الفكرية الثابتة والثيمات المطروحة في هذه الرواية:

وتتجلى أيديولوجية الكاتب بطريقة غير مباشرة, من خلال طرح القضايا في فاترينة العرض بتفاصيلها الدقيقة, لكن دون الغوص العميق في حيثياتها, ما جعله حياديًّا أمام كل الصراعات الاجتماعية والسياسية والتاريخية, تاركًا للمتلقي مهمة البحث والتقصي عنها وتحديد موقفه إزاءها.

" المجتمع ليس له فرصة للنجاح إذا كانت نساؤه غير متعلمات"

قول اختزل فيه الكاتب الثيمة الأولى, الثيمة النسوية, وهي الثيمة الرئيسة, والتي ابتدأ فيها الرواية, واستمر فيها للنهاية, حتى بعد أن رفدها بالثيمة الثانية, ثيمة الحرب, وصاعد الثيمتان معًا باتجاه الثيمة التحررية.

إن التعريف الذي تعتمده الذرائعية للأدب النسوي هو: " إنه الأدب الذي يكون فيه النص الإبداعي مرتبطًا بطرح قضية المرأة والدفاع عن حقوقها دون ارتباط بكون الكاتب امرأة"[1].

وهذه الرواية ( ألف شمس مشرقة ) للكاتب الأفغاني خالد الحسيني هي أكبر مثال على ذلك, طرح فيها الكاتب الكثير من قضايا المرأة, وشقائها وهي تقاوم لتعيش في مجتمع ذكوري استلب منها الكثير من حقوقها الإنسانية, هذه المقاومة التي استدعت منها المزيد من التضحيات, والمزيد من الإذعان, ما ترتب عليه أن تنتقل من مرحلة المقاومة إلى مرحلة المواجهة والنضال لنيل ما استُلب منها, تعديًّا على إنسانيتها بالدرجة الأولى, ثم على كرامتها وحقوقها التي كفلتها لها الشرائع الإلهية وحرمتها منها القوانين الوضعية المتزمتة بالدرجة الثانية, ويُعتبر الكاتب من الحنكة الأدبية بمكان حين حاك هذا النضال أدبيًّا في سياق اجتماعي, مدمجًا إياه مع السياق السياسي, حين أضاف إليه أدب الحرب, لينقلهما معًا إلى مرتبة الأدب التحرري وصولًا إلى النتائج والنهايات, دون أن يفصل المعنى عن المبنى, محافظًا على وجاهة كل مصطلح من هذه المصطلحات, فلم يضعضع مصطلح الأدب النسوي, ولا مصطلح أدب الحرب, ولا مصطلح الأدب التحرري, بل حافظ علي الصياغة الفنية كجزء أصيل في صناعة المعنى, أي حرص على عدم الفصل بين الصياغة والمعنى, مثلًا هذه الصورة الفنية التي نطقتها (نانا) والدة (مريم):

"كل ندفة ثلج تنهيدة تطلقها امرأة مكروبة في مكان ما في العالم, إن كل التنهيدات تنجرف إلى السماء وتتجمع في سحابات, ثم تتشظى إلى قطع ضئيلة تسقط بصمت على الناس بالأسفل".

" كما إبرة البوصلة تشير إلى الشمال فإن أصبع الرجل يجد دائمًا امرأة ليتهمها, تذكري ذلك يا مريم".

هل يمكننا بحال من الأحوال أن ننظر إلى هذه الصياغة الفنية على أنها مفصولة عن المعنى المراد التعبير عنه؟ مؤكد لا, وهذه مهارة تُحسب للكاتب, لأنه, بالمجمل, حينما يكون المصطلح في حقل الإبداع الأدبي, وخاضعًا للتحليل في مختبرات النقد الصرف, فإن مصطلح (الأدب النسوي) كمفهوم سيتضعضع بحكم الفصل بين الصياغة والمعنى.

وقد حلّت الذرائعية هذه المعضلة النقدية, على اعتبارها نظرية تدرس النص من الداخل ( من خلال الأنساق اللغوية والجمالية والأسلوبية) أي الشكل, ومن الخارج ( من خلال السياقات النفسية والاجتماعية) أي المضمون, وتوقف مراوغة المدلولات التي تتولّد عن الدلالات النصّية عند حدود المفهوم[2].

تسرد الرواية حكاية امرأتين من جيلين مختلفين, وبيئتين ثقافيتين واجتماعيتين مختلفتين, لكل منهما معاناتها وحكايتها المؤلمة في طفولتها, يجمعهما القدر تحت سقف بيت واحد وتحت سلطة زوج واحد, وضعتهما ظروف مختلفة تحت قسوته, الأولى دفعها إليه الظلم والاستلاب الذكوري البطريركي الأبوي, زوّجها أبوها لذلك العجوز زواج قاصرات, والثانية دفعتها إليه ظروف الحرب التي أخذت كل أهلها, فتزوجته تحت حاجة الإعالة والسكن.

المستوى البصري:

العنوان :

كعتبة بصرية خارجية تتروّس عتبة الغلاف, نجح الكاتب بتحولها من دلالة سيميائية إلى دلالة نصّية مكثفة تحيل إلى مضمون الرواية, إلى زمكانيتها وخصوصيتها, عنوان مأخوذ من قصيدة صائب التبريزي, شاعر أفغاني من القرن السابع عشر, قالها في حضرة كابول, وبقي الأفغانيون يرددونها عبر العصور :

المرء لا يستطيع عد الأقمار المشعة على سقوفها

أو الألف شمس المشرقة.. تختبئ خلف جدرانها

أما الغلاف:

أيضًا عتبة سيميائية بصرية, نجح الكاتب بجعلها عتبة نصيّة تحيل إلى الثيمات الأساسية في الرواية ( النسوية والحرب), المرأة الأفغانية التي ترتدي الزي الأفغاني التقليدي, لكنه مضمخ باللون الأحمر, لون الثورة الراديكالية التي تنشد التحرر من الطغيان, كما تنتعل حذاء عصريًّا ذا كعب عال, وتمضي على أرض بنية غير مستوية, على خلفية صفراء فاقعة, صورة موحية جدًّا, عن كفاح المرأة الممزقة بين التقاليد والحداثة, مستلبة في بلد غني مشرق بألف شمس, لكنه مسربل بظلامات التجهيل والطغيان والنزاعات الفكرية والعشائرية والحروب الأهلية.

كما أسلفت, طرح الكاتب ثيمة نسوية ودرس امتدادها وتطورها في سياق اجتماعي وتحوّلها إلى مرحلة نضالية في سياق ثيمة الحرب, لتجتمع الثيمتان في ثيمة واحدة هي الثيمة التحررية. ويختزل كل ذلك في الإهداء, يقول :

هذا الكتاب مُهدَى إلى هاريس وفرح,

كلاهما النور لعيني...

وإلى نساء أفغانستان

المتن :

يقع العمل على مساحة 416 صفحة, مقسم إلى 5 أقسام:

القسم الأول: مؤلف من 15 فصلًا, كلها غير معنونة, أفردها الكاتب للحديث (مريم) (بنت الحرام), الثمرة التي تكورت في رحم ( نانا) الخادمة حينما زنا بها سيدها (جليل) التاجر الغني, لم يعترف جليل بالطفلة كإبنة شرعية حفاظًا على سمعته, ورماها مع أمها في كوخ فقير في ريف من أرياف هيرات, مريم في عمر الخمسة عشر سنة, تحب جليل رغم كل ما تسرده لها أمها عن ظلمه لها وتكذّب كل ما يخبرها به, لكن مريم لشدة حبها لجليل اعتبرت كل ما تقوله أمها أكاذيب, تتلهف لرؤية جليل في موعد أسبوعي, تطلب من أمها السماح لها بالتعلّم في مدرسة بمدينة هيرات, ترفض الأم ذلك رفضًا قاطعًا, فتقرر مريم الذهاب إلى والدها في قصره, فيرفض استقبالها, تعود إلى الكوخ ممتلئة بالخذلان لتجد أمها تتدلى من حبل على جذع شجرة, ميتة, وقد شنقت نفسها, يضطر جليل لنقل مريم للعيش معه في القصر, لكنه سرعان ما يتخلص منها إرضاء لزوجاته الثلاث, من خلال تزويجها ل (رشيد) صانع الأحذية الستيني الأرمل الذي ينقلها للعيش معه في كابول, تفشل مريم بتعويضه عن طفله من زوجته الأولى الذي قضى غريقًا في البحيرة, تعاني من إجهاضات متكررة, مترافقة بأذيات جسدية ونفسية يمارسها رشيد عليها منتهكًا جسدها وكرامتها طوال سنوات عديدة, وتعيش معه خادمة, مستلبة من كل شيء إنساني.

القسم الثاني: يتألف من 11 فصلًا, يتحدّث عن (ليلى), الفتاة التي ولدت بعد أن تزوجت مريم برشيد, في ظل احتلال السوفييت لأفغانستان, وتقطن في ذات الشارع, نشأت في ظل النظام الشيوعي الذي سمح للمرأة بالتعلم وأنشأ مدارس للفتيات, كان والدها مدرسًا مستنيرًا, عاشت وصديقها طارق طفولة جميلة, تبعه في المراهقة حب عاصف. تدهورت الأوضاع الأمنية والسياسية بعد خروج السوفييت وإقامة الدولة الإسلامية في أفغانستان, أغلقت مدارس البنات وقيدت الحريات, واشتعلت الحروب الداخلية التي قادها لوردات الحروب الذين تزعموا المليشيات الجهادية التي انقلبت على بعضها البعض بتناحر دموي مرعب, دمروا المدينة, وفرّ الناس إلى الدول المجاورة كباكستان وإيران, تلتقي ليلى بطارق في لقاء جسدي حميمي قبل خروجه مع أهله, تحمل منه, بعدها يصلها رسول يخبرها بوفاة طارق, تشتد الأمور الأمنية سوءً, تضطر أمها للرضوخ لطلب أبيها بمغادرة كابول باتجاه بيشاور, كانت الأم ترفض الخروج بعد فقدها لولديها اللذين استشهدا في الجهاد ضد السوفييت, في يوم السفر يتعرض بيتهم لقذيفة تحيله دمارًا وقبرًا يرقد فيه والديها, وتنجو هي بلطف القدر, الذي يجعل نجاتها على يد رشيد ومريم, تضطر للزواج من رشيد بعد أن يساومها على لقمتها والمسكن, لتقع هي ومريم تحت سقف واحد, تعانيان من جبروت ذات الزوج.

القسم الثالث: يتكون من 20 فصلًا, القسم الوحيد الذي حملت فصوله عناوين, ناوب فيها الكاتب بين (مريم) و( ليلى), تناول فيه الأحداث التي جرت في بيت رشيد بعد زواجه بليلى وإنجابها ابنتها (عزيزة) التي حملت بها من طارق, حيث منحها رشيد أبوّته وهو يشكّ في أمرها, ثم ولدت له ابنه (زلماي), اتفاق مريم وليلى على الهروب من بيت رشيد باتجاه بيشاور وفشل هذه العملية, حيث أعادتهما قوات الأمن إلى البيت وسلمتهما لجحيم رشيد, في أيلول من العام 1996م دخلت طالبان كابول, وهم بقايا من شباب الباشتون الذين هربوا مع عائلاتهم إلى باكستان أثناء الحرب مع السوفييت, سحلوا الرئيس نجيب الله وأخيه, وفرضوا إطلاق اللحي والصلواة الخمس في المسجد, منعوا كل مظاهر الترفيه من غناء ورسم ورقص ولعب شطرنج,....كما منعوا خروج المرأة من المنزل إلا مع محرم ذكر, وإلا فعقوبة الجلد تنتظرها, هدموا المتاحف ودمروا صالات السينما وحطموا أجهزة التلفاز, تدهور الوضع الأمني والاقتصادي نحو الأسوء, بسبب موجة الجفاف التي ألمّت بالبلاد, وتعرضت البلاد لمجاعة كبيرة بلغت ذروتها في العام 2000 , باع رشيد كل أشياء البيت سيما بعدما فقد عمله عندما احترق محله لصنع الأحذية, وقرر إيداع عزيزة في الميتم ليخفف من النفقات, تحمّلت ليلى الضرب والإهانات من الرجال بالخارج وهي تخرج بمفردها لزيارة ابنتها عزيزة, في أحد الأيام ذهب الجميع لزيارة عزيزة, رافقهم رشيد ثم أوصلهم للبيت وذهب إلى عمله كبواب في فندق, صدمت ليلى بتواجد طارق أمام باب المنزل, دعته ليلى ومريم إلى الداخل وصعدت مريم بالطفل زلماي إلى الطابق الثاني, بينما حكت ليلى لطارق كل ما حدث في غيابه, وأخبرته عن عزيزة ابنته, بعد رحيل طارق وعودة رشيد أخبره زلماي عن أمر طارق, فاهتاج كالثور وانقض على ليلى يحاول خنقها, في الوقت الذي ضربته مريم على رأسه بمعول ثقيل, فخرّ ميتًا. طلبت مريم من ليلى الرحيل مع طارق والأولاد, ليبدأوا حياة جديدة, بعيدًا عن كابول , سلمت نفسها لطالبان وتمت محاكمتها رميًا بالرصاص.

القسم الرابع: مؤلف من 4 فصول, تنتهي بالفصل51 , الفصل الأخير, تتزوج ليلى من طارق , يعيشان معًا والطفلين عيشة هادئة وسعيدة في مدينة باكستانية حدودية, شاهدا معًا أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار برجي التجارة العالميين, وتداول القنوات الفضائية لمفردات أفغانستان, طالبان, وأسامة بن لادن, في العام 2002 أجبرت قوات الاتحاد الدولي طالبان على الانسحاب من العاصمة كابول وحلت محلها قوات حفظ السلام, وعيّن حامد كرزاي كرئيس مؤقت للبلاد, عندها أبلغت ليلى طارق برغبتها بالعودة إلى كابول, امتثالًا لنبوءة أبيها الذي رآها تأخذ دورها في بناء أفغانستان الحرة, في طريق العودة قررت ليلى أن تزور الكوخ الذي شهد طفولة مريم في ( غول دامان), وهناك كانت تنتظرها مفاجأة, أمانة تركها جليل لابنته مريم قبل موته وبعد رفض مريم لقائه حين زارها في بيتها في كابول في العام 1978 , وهي عبارة عن صندوق تسلّمته ليلى من ابن الملا, فيه شريط فيديو ورسالة ومبلغ من الدولارات هو حصة مريم الشرعية من ثروة أبيه الذي فقد ثلاثة من أبنائه وإحدى زوجاته في تلك الحرب الأهلية الرهيبة, ويبدو أن ليلى كانت قد حدّدت طريقها الذي ستساهم فيه في بناء وطنها, أنفقت المبلغ على تحسين الميتم في كابول, وتطوير مدرسته وملاعبه, وتدريس الأطفال, أحست ببوادر الحمل, تقاتل الجميع على اسم الطفل, بينما حسمت ليلى أمرها بشأن الاسم إن كان فتاة ... ( مريم) بالتأكيد.

المستوى الديناميكي:

الكاتب ماهر جدًّا في بناء الحدث السردي, مراعيًا كل عناصره من تشويق وزمكانية وعاطفة وتعبير, ونكاد نرى العناصر الأربعة مجتمعة في كل حدث سردي من الأحداث السردية الكثيرة التي حفلت بها هذه الرواية, فلم يتسلل الملل إلينا رغم اهتمام الكاتب بالوصف بتفصيل دقيق, وكأنه يريد أن ينقل إلينا المشهد البصري بدقة وجودة عالية, لكنه, من خلال براعته بمد حبل التشويق, استطاع أن يشد انتباه المتلقي, ولم يعطه الفرصة لتشتيت تركيزه.

كان لكل حدث زمكانيته الخاصة, فمن بعد القسم الأول, أصبح الكاتب يؤرخ للأحداث, متوخيًا الدقة, كونه يتكلم عن أحداث واقعية وحقائق تاريخية وسياسية شهدها العالم في ذلك الوقت.

إن الزمنالعام كان رصدًا لأكثر من ثلاثة عقود ماضية انتهت بالعام 2003 , ابتدأت بحتلال الاتحاد السوفييتي لأفغانستان, وانتهت بتحررالبلاد من سيطرة طالبان بقرار من قوات الاتحاد ودخول قوات حفظ السلام الدولية.

المكان: كانت كابول المكان الجغرافي الأساسي الذي جرت فيه معظم الأحداث, إضافة إلى الأماكن الجغرافية الأخرى ك (هيرات وبيشاور), كان هناك مكان خيالي هو قرية (غول دامان). وهناك أماكن مغلقة, بيت رشيد, وكوخ مريم, الميتم , وغيره....

العاطفة: تجلّت واضحة في قصة الحب التي ربطت بين ليلى وطارق, كما تجلت في عاطفة الأمومة والبنوة التي نشأت بين مريم وليلى.

أتاح الكاتب المجال لمعظم شخصيات الرواية التعبير عن دواخلهم بما يعلّل ويفسر سلوكهم الانفعالي ودورهم في إنتاج الحدث السردي. مستخدمًا تقنيات سردية مناسبة جدًّا كتقنية الرسائل, مثل الرسالة التي كتبها جليل لمريم ولم تستلمها, واستلمتها ليلى بعد عقدين من الزمن.

اعتنى الكاتب عناية كبيرة في بناء الشخصيات فنيًّا, موليًا اهتمامًا كبيرًا للتفاصيل والملامح الوصفية البصرية, عبر البعد المادي الجسدي, وبالقدر نفسه اهتم ببناء البعد الاجتماعي والثقافي, وبالبعد النفسي لكل شخصية مستخدمًا تقنية التقمص النفسي.

استخدم الكاتب العديد من التقنيات السردية, عبر راوٍ عليم, استخدم تقنية الوصف بأسلوب جمالي لافت, كما استخدم أسلوب السرد الحدثي المباشر, استخدم تقنية الحوار الخارجي (الديالوج) والداخلي (المونولوج), وتقنية الخطف خلفًا, وتيار الوعي, والرسائل,....

عن تجربته الإبداعية في هذا العمل:

الملفت هو هذا التضفير الرائع بين تيمتي النسوية والحرب, والانتقال بهما باتجاه الثيمة التحررية, واعتباره المرأة قيمة معيارية لتقدم المجتمع, وأن تخلّفها مدعاة لضعفه وتضعضعه, وأن لوردات الحروب أول من يستقوون على النساء فيعزلونها عن دورها المجتمعي, بتجهيلها وتكبيلها بقيود وأغلال وبراقع تحجب عنها إشراق الشمس, وتقوقعها مستلبة تحت نير وسوط عائلها, فكان لزامًا على هذه المعطيات أن تقوم الثورة, راديكالية, ثورة تنتفض فيها المرأة فتقتل عائلها وهو يحاول قتل ضرّتها, كما تنتفض الشعوب بحروب راديكالية تقتل فيها قادتها, وتتجه إلى حركة تحررية لتصحيح المسار, واستعادة ما استُلب منها ( المرأة – الشعوب).

على المستوى النفسي:

منطلقًا من دوافعه النفسية الداخلية, المثارة من أحداث ووقائع وظروف المحيط الخارجي, وطنه أفغانستان الذي ابتلي بنكبة الاحتلال السوفييتي, وويلات الاقتتال بين الجماعات الجهادية التي طردت السوفييت, والتفتت لحيازة مكاسبها, ثم فظاعات طالبان, واقع المرأة الكارثي التي حرمت من أبسط حقوقها, حق النسب, حق التعليم, حق العيش الكريم, في كنف أب زنا بخادمته, وكانت ثمرة الزنا, وبدل من أن ينسبها إليه يرميها وأمها للعيش في كوخ حقير, ويعيش هو وزوجاته وأولاده في قصر, يجود عليها بهدايا تافهة في زيارة أسبوعية, لا يهدف منها إلا للتخفيف من وطأة ضميره, حق الأمان, وحق العيش الكريم دون مساومة....

من تلك الدوافع النفسية بدأت عملية إنتاج هذا المنتج الإبداعي الذي وُلِد بانفعال نفسي تحوّل إلى فكرة ثم إلى منتج مادي وأيدلوجي مجسّد وحاضر, أي إلى دلالة سيميائية يراها المتلقي, يقرأها ويبحث معانيها السطحية, بينما يتلقاها الناقد بالمستوى العميق كدلالة إيحائية تبحث عن معانيها المضمرة بين طيات الحروف.

د. عبير خالد يحيي مرسين 27/ 7/ 2023

[1] - الأدب النسوي العربي المعاصر بمنظور ذرائعي – د. عبير خالد يحيي- دار المفكر العربي – القاهرة – ط1 – 2022م- ص 34

[2] - المصدر السابق – ص 38

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق