مَنّا : قيامة شتات الصحراء > مراجعات رواية مَنّا : قيامة شتات الصحراء > مراجعة Youssef Yousry

مَنّا : قيامة شتات الصحراء - الصديق حاج أحمد
تحميل الكتاب

مَنّا : قيامة شتات الصحراء

تأليف (تأليف) 3.7
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

ملخص الرواية:

يبدأ كاتبنا الزيواني كما يُلقب بمقدمة مشوقة بعض الشيء رغم ثقل كلماتها عن إيجاده لكتاب يسمى (التبر المنسي في أخبار صحراء تيلمسي). وينبهنا باختلاف النطق التارقي لحروف العربية وإبدال بعض الحروف.

يستهل الكاتب الرواية بالحديث عن عام الجفاف الكارثي الذي حل في عام 1973 وأضطر التوارق إلى هجرة إجبارية إلى المجهول، يتحدث الكاتب عن معاناة أهله في رحلة الوصول التي كانت في غاية الشقاء والصعوبة، فتوفى في الطريق بعض الناس من القبيلة لعدم تحملهم ظروف الصحراء القاسية ونقص الإمدادات والطعام وبالطبع كثير من الماشية لقت حدفها في ذلك الطريق الشاق. تتوفى كذلك الجدة لولا التي كان يحبها بطلنا بادي وأضطروا إلى دفنها في الصحراء، ومن كثرة الأموات لم يجدوا أكفاناً تكفي الجميع حتى يسميه الكاتب عام عزرائيل لكثرة الأموات. وطبعاً في تلك الظروف يظهر المستغلون من دلائل الطرق الذين يطلبون مبالغاً طائلة مقابل إرشادهم في الصحراء، والتجار الذين يشترون الماشية مقابل حفنة قليلة من الطعام.

يتحدث بادي في الطريق عن معاناة أهله منذ الاحتلال الفرنسي 1893 وتقسيمهم لأرضهم كما يريدون، وحتى عندما عقدوا صلحاً مع مالي وتركوها في 1960، لم يتم مراعاة استقلالهم وضمهم الاحتلال الفرنسي لمالي قهراً. ثم قاموا بثورة كيدال في 1963 والتي شارك فيها التوارق وحتى بعض العرب وتم قمعهم بمنتهى القسوة من الحكومة المالية بقيادة موديبو كايتا وقائد جيشه ديبي. ثم الكارثة الكبرى التي شتتهم في الصحراء بسبب الجفاف الذي حل بالصحراء في 1973.

تصل القبيلة بعد رحلة طويلة استغرقت الكثير من الأيام والأرواح إلى برج باجي مختار جنوب الجزائر وتجد فيه رعاية جيدة وأماناً من الجزائر التي وفرت لهم بقدر طاقتها موارد العيش.

يذهب بادي برفقة بعض زملائه في القبيلة إلى ليبيا، بعد سماعه لوعود القذافي في إنشاء وطن الأزواد المزعوم. كانت تلك الرحلة أيضاً شاقة ولكنهم وصلوا في النهاية ويتنقلوا بين بعض الأعمال رغم استقرارهم في أحدها، ويظهر الكاتب في ذلك الجزء ميل التوارق إلى السفر وعدم الاستقرار في مكان واحد حتى لو كانت الظروف جيدة، ثم يذهب بادي برفقة زملائه إلى معسكر بني وليد حيث يتدربون فيه على السلاح محملين بأحلام الوطن. وتبدأ الشكوك في حقيقة ذلك الوطن ولكن سرعان ما تعود وعود القذافي وسعيد القشاط بجمع شتاتهم في وطن موحد. ثم يأمرهم بالذهاب إلى لبنان من أجل محاربة إسرائيل لكي ينفذ لهم وعد الوطن!

يتم أسرهم هناك ويتم تعذيبهم في السجن ويلتقي بادي بالكثير من طوائف الناس هنالك. ويتم ترحيل الأسرى بعد فترة إلى ليبيا مجدداً.

يعود بطلنا من جديد إلى ليبيا لكن تلك المرة إلى معسكر 2 مارس، تصعد من جديد إلى السطح التساؤلات عن حقيقة وعد القذافي وتقوم ثورة في المعسكر بقيادة سُوخا، الذي سرعان ما تم تهدئته بعد إعطائه سيارة تويوتا!

يغرر القذافي مجددا بالتوارق في حرب لا ناقة لهم بها ولا جمل، لكن تلك المرة كانت الحرب على حدود ليبيا في تشاد في منطقة أوزو عام 1987، الغريب في الأمر أن القذافي زجّ ببعض التلاميذ بالحرب بدون معرفتهم! تم مهاجمتهم من قائد الجيش التشادي حسن جاموس وتم قتل صديقي بادي أخمادو وسُوخا وتم أسرهم مجددا في ظروف أصعب بكثير من ظروف الأسر السابق وتم أسر كل قوات الجيش الليبي تقريبا على يد قوات حسن جاموس، حتى قرر بعض السجناء بقيادة ضابط ليبي يدعى خليفة حفتر الانشقاق على القذافي ومعارضته، ولكن يثبت بادي وزملاؤه التوارق على موقفهم برغم شكهم الكبير في تحقيق وعد القذافي خاصة في تحقيقات السجن مع ضابط عراقي كان يعمل هناك. ثم أُفرج عن السجناء بعد ثلاثة أشهر بعد ضغط فرنسي على تشاد. ذهبوا إلى كامبالا منها إلى ليبيا مجددا. يقرر بادي وزملاؤه في المعسكر الثورة على القذافي بعد تأكدهم من كذب وعده، ويعود مجددا إلى قبيلته، ويسمع بعض الأنباء بالاتفاق على قيام ثورة من أجل الحصول على وطن!

تقرر بدأ الثورة من مخيم تجريرت بشمال مالي، يقرر بادي السفر، ولكن الوصول إلى ذلك المخيم كان صعبا وبالطبع تم استغلالهم من دلالي الطرق بمبالغ باهظة. يصلوا في النهاية بعد رحلة مضنية إلى ذلك المخيم. يجد فيه بادي خاله بتو الذي لم يره ولم يكن يعرف بوجوده في ذلك المخيم ويجد حب حياته هُكُتا بالطبع وتستقر بينهم الأمور أخيراً بعد تفرقهم.

ثم يبدأ معسكر التخطيط للثورة، كان لها مؤيدين كُثُر بالطبع ولكن كان هناك بعض المعارضين لفكرة الثورة، ولكن في النهاية تم الاستقرار على الثورة.

يبدأ جمع السلاح والسيارات من أجل التحضير للثورة وبالفعل تنجح ثورة التوارق نجاحاً كبيراً ولكنه لم يستمر؛ بسبب حصول مالي على تمويلات وسلاح كبيرين من فرنسا من أجل إخماد تلك الثورة وبالفعل تمكن جيش مالي من إبادة ذلك المخيم تقريباً، ومنذ ذلك الحين، منذ ثورة التوارق في يونيو من عام 1990 في أزواد بشمال مالي وتلك المنطقة تحولت إلى مكان صراع وقلقلة دائمة وبالطبع ظهرت تجارات غير قانونية و جماعات مسحلة.

تنتهي القصة بحلم جميل لبادي بأن علم وطنه الأزوادي يرفرف في جبال كيدال ووادي تيلمسي وصحراء منكا، ولكنه شاهد كل ذلك محمولاً على جمل يتمايل به في غمرة ريح قوية تعصف بالمكان!

رأيي في الرواية والنقاط التي أعجبتني والتي لم تعجبني:

بداية، الرواية تناقش موضوعا جديدا لم يسبق تناوله في أدبنا العربي، فلهذا أعتبر تلك الرواية كفتح في عالم التوارق وعالم الصحراء الكبرى الذي لا نعرف عنه الكثير، بحكم جهلنا وبحكم تجاهل البعض لهذه المنطقة.

يستعمل الكاتب في رأيي شخصيات الرواية لخدمة التاريخ، أي لتأصيل الأحداث وتقريرها، وهذا لم أعتده في الرواية التاريخية. وذلك كان أحد مميزات الرواية في رأيي. فالشخصيات وتفاعلاتها، على كثرتها وتشابكها، تخدم تسلسل الأحداث ورواية التاريخ وليس العكس. فحب بادي لهُكُتا وتفرقهم وخوفه من عدم تنفيذ وعد خاله بتزويجه لها يماثل في الرواية وعد القذافي بوطن الإزواديين. ومقابلة بادي وهُكٌتا في نهاية القصة ترمز إلى إيجاد الوطن.

يظهر على الكاتب جلياً حبه للجزائر وتقديره لها على موقفها الشهم بجانب أهله بعد فاجعة عام الجفاف أو كما يسمى بالتارقية (آوتاي والباسن)، فالجزائر وفرت الحماية والرعاية الطبية وكذلك الجنسية لكن من لجأ لبرج باجي مختار، تيمياوين، تين زواتين وكل المناطق الحدودية الجزائرية. وبالطبع الكاتب يعتز بهويته التارقية بجانب جزائريته ويظهر ذلك واضحاً كالشمس.

لا أعلم لماذا بدأ الكاتب بفصل (رقصة تيلمسي على إيقاع دبكة الشرق) ثم فصل (ليبيا.. غواية التويتوتا والكلاشينكوف) لأن الترتيب المنطقي للأحداث هو العكس، فبطلنا بادي يذهب في البداية إلى ليبيا بعد وعود القذافي الكاذبة بتأسيس وطن للأزواد ثم يغرر القذافي بالإزواديين بعد تدريبهم في معسكر 2 مارس ومعسكر بني وليد ليذهبوا لمحاربة إسرائيل في لبنان ويتم أخذهم كأسرى. تغيير ترتيب الأحداث كان مربكاً بعض الشيء، لا أزعم أنه تسبب في فجوة في الأحداث لأن سرعان ما فهمت الترتيب، لكنه كما قلت كان مربكاً قليلاً.

الألفاظ في الرواية جاءت في غاية البلاغة والفصاحة. لغة الكاتب سلسة وهو متمكن في الفصحى بكل تأكيد. أعجبني كثرة استخدام ألفاظ تارقية في الرواية، أعتبره جزء من تجربتي في الإبحار في عالم الصحراء وبالتأكيد لمعرفة ثقافة يجب الاختلاط بلغتها، ولكن لم يعجبني استخدام بعض الألفاظ التارقية دون ترجمة اعتماداً على فهمها ضمنيا من النص، اقترح على الكاتب ودور النشر إضافة معجم للألفاظ التارقية المستخدمة.

أعجبني كذلك إدخال المعلومات التاريخية في مستهل الأحداث أو بينها، فنجد الكاتب في أكثر من مناسبة يسرد تفاصيل عن تاريخ الأماكن التي تتناولها الرواية وتاريخ العائلات وتاريخ الفنون الشعبية والغناء والأمثال الشعبية وحتى أنواع النباتات الصحرواية وهو بالتأكيد دلالة على أن هذا الكاتب ابن لبيئته وتكوينه وتلك الجوانب هي ما تميز في رأيي الرواية التاريخية. يمكنك القراءة والإطلاع على الأحداث التاريخية بسهولة، لكن أنسنة تلك الأحداث والأماكن وربطها بشخصيات ومشاعر إنسانية يضفي بعداً لا يمكنك معرفته من قراءة التاريخ.

كشخص مهتم بتاريخ المنطقة فالرواية أضافت لي الكثير من المعلومات التاريخية التي لم أكن أعرفها وفتحت بالنسبة لي باب ثقافة لم أكن أعرف عنها الكثير، وإجمالاً أستمعت وأستفدت بقراءتها. صحيح كانت ثقيلة في بدايتها، لكن ذلك الثقل قل تدريجيا بمرور الفصول وتحول إلى شوق لمعرفة الأحداث وكيف ستنتهي الرواية.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق