السندباد الأعمى : أطلس البحر والحرب > مراجعات رواية السندباد الأعمى : أطلس البحر والحرب > مراجعة Rudina K Yasin

السندباد الأعمى : أطلس البحر والحرب - بثينة العيسى
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب رقم 24/2023

السندباد الاعمى: أطلس الحب والحرب

بثينة العيسى

"كانت قدماها تغوصُان في الرّمل الدافئ، وهي عائدة إلى الشاليه، والبحر من ورائها. أمضت السَّاعات الأخيرة تبحث عن القواقع والأصداف، القنافذ السوداء وأسماك الزوري، نجمات البحر والقبقاب والحلزين. كان جلدها قد تحمَّصَ وتقشّر، وقلبها يرقصُ من جمال الدُّنيا"

"وقد بدت لهُ الذاكرة مثل حقلِ ألغام، وكان كل ما يريدُه هو أن يوقفَ عقله عن قصفهِ بالذكريات. لقد صار يعرفُ، منذ سنةٍ على الأقل، أن للذكريات صوتَ الضُّباحِ وحدّة السكاكين"

"انتابها منذ ذلك اليوم عطل أبدى، وظلت لسنوات لاحقة يراودها بين الفنية والأخرى ذلك الشعور الحلميّ المتموج وهي تتساءل إن كانت موجودة فعلاً، أم أنها مجرد حلم يقظة لشخص أكثر حقيقة منها"

كله كان اعمى وكله لم يرى الاخر ولم يحاول اكتشافه نواف لم يرى الحب في عيون صديقه فوقعت الخيانة والعراق سقط ضحية التجاذبات فكان الاحتلال والمجتمع كان أيضا ضحية لانه لم يحسن التفريق والخيانة كانت متكررة لكنها وقعت كل ذلك في 325 صفحة ناقشت الكاتبة خلالها كافة التجاذبات السياسية من خلال طفلة عليها تعلم مصطلحات الخيانة والحرب والقصف وكل الأمور وتجاذبات مجتمع.

لو كان السندباد أعمى، لتخبط بين كل السواحل ولما رسي بأي منها. فهل كان المجتمع يعاني من حالات العمى المتكررة فهل تدور الرواية في ثلاث محاور أساسية هي الصداقة والخيانة، والحب والوحدة، والوطن والاذى.

تبدأ الرواية بخليط عجيب بين المحاور الأربعة من خلال نواف فنحن الان في 02/08/1990 عندما غزت العراق الكويت حيث فتحت السجون وخرج جميع السجناء من السجون ومن ضمنهم نواف الذي يعيش أكثر من سجن داخل بعضهم البعض سجن الزوجة المقتولة بجريمة الشرف حيث قام بقتل زوجته "نادية" بعد خيانتها له مع صديق العمر "عامر"، وعلاقته بابنته وهي فتاة صغيرة تجاهد لكي ترى وتسمع "مناير" تلك الشخصية التي تنمو بين سطور الرواية تدريجيًا، حتى نفاجئ بها في الفصل الأخير (وبعد ثلاثين عامًا) وقد أمسكت دفة السرد وقادته إلى نهايته.

نتعرف على شخصيات الرواية من خلال المواقف والأحداث مباشرة، سجين يجد حريته فجأة، زوجة ذات أحلام ضائعة في الكتابة والحب، حبيب حائر ضعيف لا يقوى على المواجهة، ثم الحدث الصادم/ المفاجأة، الغلطة التي تتقوّض من أجلها الحياة كلها والعلاقات بين عائلتين، وتأتي بعدها مباشرة ذلك الحدث الأكبر الغزو العراقي للكويت، وما يتركه من آثار على نفوس شخصيات الرواية. ما يعتمل في صدورهم، وما يريدون أن يكتموه في دواخلهم، ولكنه رغمًا عنهم يطفو إلى السطح، ويمزق ويدمر ويغيّر مصائر وحياة كل منهم مناير الطفلة الصغيرة ستصاب باللعنة فهي ستزوج ابن عمها وستنفصل لنفس السبب الخيانة لذلك سترث التعاسة والتلاشي غير المكتمل من أمها، وستتحول لنسخة باهتة تماماً من امرأة لم تكتمل صورتها غير المرئية بشكل كامل لأنها ستموت حينما تُلامس جسد رجل آخر وتقع عيون زوج ها عليها ويراها لأول مرة، ليس كامرأة تعيسة أو غير محبوبة؛ ولكن كامرأة خائنة.قبل أن يقتل والدها أمها كانت مناير طفلة سعيدة تجمع القواقع وتحفظ أسماءها، تتلذذ بلعبة القرش التي يمارسها عامر صديق والدها معها، عامر الذي ستعرف فيما بعد أن الحكاية بدأت وانتهت من خلاله، ليس حكاية اختفائها وانعدام رؤيتها، ولكن حكاية ولادتها لتكون ابنة نواف رغم شعوره بالاستحقاق بأنها من المفترض أن تكون ابنته هو، لأنه لو حدث هذا كانت ستعيش مع أمها سعيدة ولم يكن سيتسلل ذلك الشعور القاتل بعدم الوجود الذي سيغتالها.

وان عدنا لسبب الخيانة نجد الإهمال والتجاهل، ولعشر سنوات يتعمد فيها الرجل الذي سيتحول من حبيب إلی صديق زوج وعم طفلة وحيدة تُسمی "مناير" علی رؤية المرأة بلا أي تفاعل، بلا حب أو كره في محاولة بائسة لدحض شعوره في الزواج منها وبناء أسرة كبيرة معها بسبب اختلاف المذاهب الدينية. ستتم خيانة نادية ولكن لن يحدث أي شيء جلل، لن يعتذر زوجها ولن يكفر عن ذنبه، في مقابل عناق واحد بعد 10 سنوات للرجل الذي أحبته، ستتحول نادية لجثة تطفو علی البحر الأزرق. لتنتقل دفة الحكاية والصوت الأنثوي المكلوم من الأم للابنة التي سيحاسبها الجميع علی ذنب لم تقترفه، ولتقع في نفس دوامة المشاعر العنيفة والتي سيكون أهونها الوحدة لتدخل الرواية من مدخل التأريخ لنفق التسجيل، ومن واقع الاحتلال للخيال، والسؤال عن ما قد يحدث داخل البيت الذي تعيش فيها طفلة غير مرغوب في وجودها!سيظل الشعور بالتجاهل يكبر بداخل الطفلة التي لن تعرف أين ذهبت والدتها وهي في عمر 8 سنوات إلا بعد أن يتضاعف عمرها ليصير 16 سنة، لتفهم أن الشخص غير المرغوب فيه ليس هي، بل ذكری أمها وأثرها الذي لا تعد مناير إلا امتداداً له

ان أردنا الحديث عن الاب والام نجد انهم تافهان لا يستحقان الشفقة...لم يفكرا إلا بنفسيهما بعيدا عن ابنتهما التي أصبحت بين ليلة وضحاها تعيش حياة أخرى مظلمة لا ضوء فيها هي الضحية برأيي لأنها تحملت وزر غيرها. صُبغت بحياة آخرين لا ذنب لها سوى أنها ابنتهما...لم تتمكن من الاندماج مع الغير بيسر وسهولة لأن ثمة ماض يحوم حولها ويقيد حركتها ويخنق روحها لان حدثان لطفلة صغيرة عليها ان تعيش بهم وتربط بينهم بين الاجتياح واثاره وبين جريمة القتل التي شاهدت وعايشت واكتشافها ان اباها أيضا قتل مرة ثانية عامر حيث عاتبتها ابنتها هدى في المستقبل بعد حجر الكورونا وسالتها كيف سكتت على قتل عامر ---- نعم انهم حدثين كبيرين جللين ضربا السلام وأركانها الداخلية وتركاها تائهة على قارعة الطريق تتخبط هنا وهناك باحثة عن الاجابات التي تروي ظمأها لمعرفة ما حدث وإنارة العتمة التي تحف بها من كل جانب صغيرة نشأت ترقب بصمت وتتلهف للوصول إلى الحقيقة التي ستسكت الصراخ الذي يمزقها... وتطفئ النيران المستعرة التي تأكلها دون أن يشعر بها أحد. ولن يشعر بها

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق