"هذا المجتمع صنع ليزعزع ثقتنا بأنفسنا، يبيعون للنساء الخزي والعار، وللرجال الذكورة الهشة."

رواية "دليل جدتي لقتل الأوغاد" هي تجربتي الرابعة مع الكاتبة "ميرنا المهدي" فبعد ثنائية نوح الألفي المشوقة، واختلال "صديقي السيكوباتي"، كان اللقاء هذه المرة مع الجدة "نصرة" وعائلتها، ودليلها لقتل الأوغاد، وكانت المفاجآة أن الرواية واقعية في أغلب أجزاءها، مع إضافة جزء سيكبة به مبالغة ولكنه كان مناسباً لأحداث وموضوع الرواية.

فهذه الرواية التي يحتوي عنوانها على القتل وغلافها على العديد من الوسائل التي تؤدي إلى ذلك، تتحدث عن قضايا التحرش، الاغتصاب، التهديد الإلكتروني للنساء، تعامل الجيل الحديث مع الاكتئاب، وكيف أنه أصبح من السهل أن يُصاب به الشخص بعد الوعي الكافي الذي أدخله التقدم، مواجهة المجتمع وعاداته وتقاليده وأصنامه، كل ذلك في رواية لا تتجاوز 250 صفحة، وبخفة جعلتني أتنقل بين الفصول وأنهي الرواية بسرعة، فلم تخلو الحكاية من التشويق، كانت الرواية جريئة وكاشفة، وامتد ذلك إلى التعامل الذكي والحريص مع قضايا شائكة، وأقصد بذلك أن الرواية لم تكن نسوية تدافع عن النساء على طول الخط، بل كانت موزونة، وحتى المعاناة نالت من الذكر والأنثى في هذه الحكاية، وهو ما دائماً أردده، أننا في مجتمعاتنا كلنا ضحايا بشكلاً ما، أياً كان جنسك أو مكانك أو عمرك، ولكن هذه قصة أخرى. فالمجتمع الذي تجد فيه أن كل طفل من أصل 6 يتعرض للتحرش، وكل طفلة من أصل ثلاثة تتعرض للتحرش، أياً كان نوعه، ودرجته، يوضح لك إلى أي درجة نحن نعيش بداخل مجتمع من المرضى والمختلين.

بالإضافة إلى تطور موضوع الرواية، فيجب الإشادة باللغة أيضاً، وللمرة الأولى يكون العمل بالكامل بالفصحى حتى الحوارات، ليضيف ذلك على جمال العمل وأهميته. تنقل العمل بين العمق وخدش السطح كان مناسباً لأجواء الرواية، فالرواية على أهمية موضوعها سلسة في التنقل بين فصولها وخفيفة، وحافظت على الجو البوليسي والدرامي، رغم أنني توقعت الفاعل قبل النهاية بفصلين، ولكن ذلك لا يقلل أبداً من جودة الرواية، وأهمية المواضيع التي تحتويها. أيضاً، الفصل الاخير شعرت أنه خطابي وتوعي أكثر من اللازم.

ختاماً..

رواية مهمة، وحيادية، تنقل الواقع بخنزرة بشره، ومشجعة، للمواجهة والقضاء على عادات وتقاليد وممارسات مُقرفة، ففي وقتنا الحالي، لن يُمكنك أبداً أن تفرق بين البشر والخنازير. فخذ حذرك.

يُنصح بها.