في ثاني قراءاتي للكاتبة أرصد تميزها و إهتمامها بتأريخ المجتمع الليبي، حيث تحمل هم هذا المجتمع و ما أصابه من تغيرات و تحولات علي مر الأزمان.
كانت البداية مع أوائل سبعينات القرن الماضي و بداية حركة القذافي و أفكاره الشعبوية الإشتراكية و تداعيات ذلك علي المجتمع الليبي ممثلا في أسرة بطلة الرواية متنوعة الروافد ذات الأعراق المختلطة بين ليبيا و كريت و نهاية بإيطاليا.
شخوص الرواية متنوعة بجوار البطله أبرزها من وجهة نظري من كان لهم عظيم الأثر في حكايتها و هم علي التوالي :
الجد التاجر العصامي صاحب المال و الأعمال و تأثيره علي أبناؤه و بناته بحيواتهم و أحداثها من حوله، ثم ثروته و ما آلت إليه.
ثانيها الأخت التوأم الرفيقة و اللصيقة طوال الطفولة و الصبا و الشباب حيث الصورة النيجاتيف من البطله .
ثالثها هي الأم بمعاناتها و صبرها أمام ما فعلته الأزمان بأسرتها و بحياتها.
ثم يأتي نهاية الزوج الذي مثل الرغبة في التحرر من القيود و الإنبهار بالآخر المغاير و المشارك بجذور ما بأرض ليبيا متنوعة الغراس.
نصف الرواية الأول من وجهة نظري شديد الثراء و الجاذبية ، لكن و للعجب سار النصف الأخير سريعا و هامشيا دون سبر لأغوار الشخصيات و تطورها كما كان النصف الأول.ظهر ذلك واضحا في سرد مرحلة الثورة و أحداثها ، حتي أن مقتل القذافي لم يكن حاضرا كمشهد هام أو حتي ثانوي بالرواية، إختصار أخل بالتسلسل الدرامي و كذلك تصاعد الأحداث حيث بدا مجتزءا و مفاجئ.إذ يبدو كمن وصل مباشرة للمحطة النهائية دون محطات مرحلية في الطريق.
هل كانت الرمزية بالرواية حاضره؟ يبدو لي ذلك بدءا بالجد ممثلا ليبيا القديمة بحكمتها و ثراءها المستمد من استثمار مواردها ، و الذي دام صابرا و مقاوما تحت وطئة تغيرات و مستجدات عصفت به و أضعفته شيئا فشيئا.
ثم بطلة الرواية و توأمتها حيث مثلتا الازدواجية في ليبيا الجديدة منذ عصر القذافي و ما تلاه بالثوره ، بين الاندفاع و التهور في جانب و الانطواء و التردد بالجانب الآخر.
لكن تبقي النهاية مفاجئة و ربما كانت الرسالة الرمزية الأخيرة لمن يتخلي عن جذوره و أصوله و يهرب مختارا من ماضيه نحو مستقبل مثير و غريب فينتهي به الحال نهاية مأساوية في مفترق الطريق بين مغادرةالماضي و إستشراف المستقبل.