سنوات الجري في المكان > مراجعات رواية سنوات الجري في المكان > مراجعة Fedaa El Rasole

سنوات الجري في المكان - نورا ناجي
تحميل الكتاب

سنوات الجري في المكان

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

أصبحت علي يقين مؤخراً أن كل الأشياء يمكن أن تبدوا علي غير ما يظهر منها ، أن يكمن في داخلها ما لا يُعبر عنه بمظاهر مفهومة ، لكنها رغم ذلك ظاهرة جليّة لكل صاحب روح يعرف معاني وقيمة الأشياء.

حتي الألوان بمقدورها أن تكون لغة خاصة يُخاطب بها المُتلقي ويفهم أسرارها ورمزيتها وما يرمي إليه كل لون وأي معني من معانية يُقصد بالتحديد ، ولكن لا أسوأ علي الإنسان من أن تُلوَن أيامة بالذكري ، حينها لن تكون الألوان مُجرد باعث علي الذكري وعامل لاستدعاء الألم ، ولكنها ستكون كابوساً نشطاً بحجم الوجع.

القصص دائماً تبدأ من الماضي ، أو الحاضر ، ولكن ما فائدة تحديد الزمن إن كُنا نقبع في نفس الحيّز ونفس الظروف !

ما فائدة الزمن إن أصبحنا أشباحاً تحوم حول الأحداث لإعادة إنتاج دائرة أُخري من التاريخ المُكرر الأحداث رغم اختلاف زمانه وشخوصة ، لا فائدة تُرجي من الزمان ، مادام رفيق الإنسان هو الجري في المكان.

تعرفت علي سعد وحكاياته في الجزء الأول ، وسعد بشخصه واسمه هو رمزية لجيل كامل ، عايش نفس الظروف وانخرط في تقلباتها ، كان صاحب أحلام من سذاجتها خُيّل إليه أنها ستصبح يوماً ما واقعاً يبعث عليه ولو مرة واحدة شعوراً بالسعادة والرضا.

الجميع كان يتمني واقعاً أفضل وأحلاماً تفوق عنان السماء ، الجميع تألم علي رداءة الأوضاع وانحطاطها واستمرارنا جميعاً في النزول إلي أسفل بسرعة الصاروخ ، الجميع ترقب التغيير ، لكنه قليلون هم من حاولوا صنعة وجعله واقعاً ملموساً يشمل الجميع بلا تفرقة ، الجميع أراد الحياة ، ولكن فئة بعينها استقبلت الموت كبوابة لحياة جديدة لا تنتهي.

مات سعد ، وانطلق يحكي عن ما يراة بعد موته ، ثلاجات الموتي ، لحظات الفراق ، تلاحم الجسد الحي النابض بالحرارة مع الجسد البارد الخافت بلا أنفاس ، كل ما رواه رأيناه ، شعرنا به ، ولا أظن أن يختلف شعور الحي عن الميت في تلك المشاعر ، لا فرق غير أن الميّت قد فاز ، وصل إلي الحقيقة المُكتملة ونجا من كل هذا العبث الكاذب المسمي بالحياة.

اثني عشر عاماً مرّت في عمر الزمن ، لكنها في عمر الذكري دقائق معدودة مُتوقفة ، لا تنتهي ولا تَمُر ، ورغم أن الحياة لا تتوقف إلا بالموت وانقطاع الأنفاس ، إلا أنه عملياً يُمكنها أن تتوقف بعد أن يُقر الإنسان أنها انتهت ، مهما طال بقاؤه بعدها.

تحسست نفسي في أوصاف نورا لمشهد سير ياسمين في الميدان بعد سنوات ، كُل ما كتبتة نورا حدث معي ! نفس الخوف واستعادة الذكري وسيل الأحداث ، نفس الخطوات المحسوبة في مكان مسكوب عليه دماء لن يُمكنك تجاهلها حتي وإن كانت غير ظاهره ، نفس عُزلة نانا و صدمة مصطفى بأن الطلقة اختارت صديقة وأعرضت عنه ، كل هذه الأحداث المُركبة رأيناها وعايشناها ورغم مرور سنوات علي الحدث مازلنا في داخلنا نقف عند نفس النقطة.

تكنيك أنيق ومختلف بلورت من خلالة نورا ناجي القصة ، ربطت بينهم رغم إنفراد كل منهم بالحكي والحديث ، أعطت للألوان والمذاقات والأحاسيس تعبيرات مُختلفة ، حتي الجمادات كان لها صوت في هذا العمل.

كتابة جميلة و مؤثرة جداً ، ونهاية يظهر من خلالها أن هناك أمل في الحياة حتي وإن كُنا سنجري في نفس المكان.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق