منذ السطر الأول فى الكتاب تخطفك رضوى الأسود :

{ ذهبت الى شقته لتقديم واجب العزاء لاخوته الذين يعرفونها وتعرفهم . كانت تحفظ العنوان عن ظهر حب .. }

فى الصفحة التالية لابد أن تسأل نفسك : هل هى رواية ؟ أم كتاب سيرة ؟

فالراوية التي دخلت شقة عبد الحليم بعد وفاته بثلاثة أيام تصف مشاعرها والمكان حولها بحس روائى مائة فى المائة :

{ فجأة تلمحه واقفاً باتجاهها ومديراً ظهره للشرفة , كانت تشعر أنها فى حلم , بل كابوس مخيف , تفكر أنه لو فنى العالم كله فهو لن يفنى , لقد قاوم كثيراً , وسيظل يقاوم , انه غير منذور للموت , بل للحياة ..}

لايمكن أن يصدق القارىء إلا أن هذه العبارات ( الحارة / الحيوية / المتدفقة ) كُتبت يوم 2 ابريل 1977 بعد ثلاثة أيام من وفاة عبد الحليم كما تقول راوية الكتاب !

هذه هى حبيبة عبد الحليم المجهولة ! نوال نصر الدين .

بذكاء شديد تختار رضوى الأسود عناوين فصول ( كتاب/ رواية ) من أغنيات عبد الحليم , فيكون الفصل الذى ولد فيه الطفل بعنوان : ( جئت لا أعلم من أين .. لكنى أتيت )

وعندما ولد الطفل يتيماً كان عنوان الفصل : ( فوق الشوك مشانى زمانى )

فى محطة العام 1943 عندما التحق حليم بمعهد الموسيقى قسم أصوات كان يكره أن يستقل الترام , تصف الكاتبة هذا الموقف الغريب :

{ كان أيضاً يكره الترام , لا للصخب الذى يُحدثه فقط , ولكن لالتزامه ! بعهده مع قضيبين لايخرج عنهما , بطريق مرسوم ومحدد سلفاً , كان يراه مكبلاً محدود القدرات ..}

يحفل الكتاب بالكثير من المعلومات التي ربما لايعرفها الكثير ( وأنا منهم ) :

{ بعد تخرجه من معهد الموسيقى فوجىء حليم بأنه قد تم تعيينه فى ثلاث مدارس للبنات دفعة واحدة : يومين فى طنطا , ويومين فى المحلة , ويومين فى سمنود ! }

ولا تنس الكاتبة – بحس المرأة – التطرق الى الموضوع المحبب :

النساء فى حياة عبد الحليم !

فتكشف عن علاقات حليم ومغامراته مع الكثيرات منهم من ذكرت اسمائهن ومنهن من ذكرت عنهن :

{ وهناك مغامراته مع فاطيما الأميرة المغربية , وكذلك المليونيرة الشقراء صاحبة الرولز رويز , واللتين كانتا تطاردانه بالهدايا والحب .. }

لكن تظل المحطات ( الوطنية ) لحليم هى الأقوى – من وجهة نظرى – ففيها تظهر مشاعر حليم وقناعاته الوطنية والتى حاول الكثير اتهامه بالانتهازية بسببها .

تاخذنا الكاتبة فى فصول قصيرة وبلغة رشيقة منذ طفولة عبد الحليم وحياته فى الملجأ فى محطات متعاقبة سريعة وبلغة جذابة لاتشعر معها بانك تطوى صفحات الكتاب .

بعد أن تنتهى من الكتاب لابد أن هناك سؤالاً سترغب بالتأكيد فى أن تسأله الى رضوى الأسود :

متى وكيف استحضرت روح عبد الحليم لتفضفض لك عن دواخلها ؟