السيرة مستمرة > مراجعات كتاب السيرة مستمرة > مراجعة Rudina K Yasin

السيرة مستمرة - أحمد خيري العمري
تحميل الكتاب

السيرة مستمرة

تأليف (تأليف) 4.6
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب التاسع والعشرون / 2024

السيرة مستمرة

د. أحمد خيري العمري

...(من عمق الخراب ،يمكن أن يولد شعور وجب استثماره ،بأنه لابد من إزالة ما أدى الى هذا الخراب ..من عمق الدمار يمكن لشعور جديد أن يولد..بأن كل المنظومة القديمة وجب أن تزال، قليلون يستشعرون هذا قبل أن يأتي الخراب ..كلامهم يكون كلاما في الهواء عادة لكن الخراب يجعل الناس تتقبله أكثر ويصبح كل شيئ قاب قوسين او أدنى ..من نقطة التحويل)

طفولة كل منا، هي المرحلة التي تحدد فيها الكثير من خياراتنا لاحقًا.

‫الكثير من نقاط قوتنا وضعفنا توجد في داخل السنوات الأولى من حياتنا… ‫‬‬‬‬‬‬

كما لو أن هذه المرحلة، هي مخزنٌ كبيرٌ، نأخذ فيه أشياءَ محددةً، ونمضي بها في سائر حياتنا..

البعض منا يتمكن من أن يهزم بنقاط قوته، نقاط ضعفه..

‫ والبعض يهزم نفسه، يتحالف مع نقاط ضعفه ضد مكامن قوته.. حتى لا يعود هناك قوة‬‬‬

في عام 2018 كان اللقاء الاول مع الكتاب وقد جلب من معرض فلسطين الدولي الاول. وقد قرء بغير اهتمام ليعاد من خلال شهر رمضان 2024 على مقتطفات وقد قرء الكتروني بالرغم من توفره ورقي وذلك للسهولة ولأنه اخذ الشهر بكامله. خلال 29 يوم ذهبنا مع الكتاب بكل تفاصيله حيث ينقلنا الكتاب إلى سيرته عليه الصلاة والسلام حتى نهاية المرحلة المكية، لكن على نحو مختلف تماما عن كل ما عرفنا عن السيرة سابقاً”. حسب قول الكاتب على خلفية الكتاب في تعريفه عن كتابه “السيرة مستمرة”، وقد صدق فيما قال، فقد وجدنا في الكتاب بعد مراجعته اختلافات كثيرة عما عرفناه في كتب السيرة السابقة، لأننا لم نعرف كتاب سيرة يشكك في أحداث وصلتنا بروايات متواترة، ويفاضل بين الروايات بمعايير لا تستند إلى مدى صحة روايتها، ويهمل الكثير من أخبار الصحابة الضرورية لاكتمال صورتها، ويستخدم مصطلحات حديثة في غير مكانها، وغير ذلك مما سنعرض له في سلسلة من المقالات، نبدؤها بهذه المقالة التي نتناول فيها شيئاً من منهج العمري في اعتماد الأحداث التي وضعها في كتابه.

اولا — المنهج التاريخي حادثة انشقاق القمر نموذجا

من أبجديات الكتابة في السيرة النبوية، أن ترجيح الحوادث واعتمادها يقوم على مدى صحة سند روايتها، ولكن نهج العمري في اعتماد الروايات لم يكن حسب ضعفها وقوتها، فنراه يقبل أحداثاً رواياتها غاية في الضعف، ويشكك في روايات قد يصل سندها حد التواتر

، مثال الحالة الأولى حادثة مشاركته صلى الله عليه وسلم في حرب الفجار عندما كان صبياً، فيقول العمري عنها: "ورغم أن رواية مشاركة الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الحرب بالنبل (جمع الأنبال أو رميها) هي رواية ضعيفة سنداً ويرفضها أغلب محققي السيرة، فإنها منطقية جداً في سياقها” (ص 77).

وفي الوقت نفسه، يأتي لروايات وحوادث وصلت إلينا بروايات صحيحة أو متواترة، فيبذل جهده ليشكك فيها أو ينفيها، مستنداً إلى تأويلات لا يؤيدها تاريخ ولا رواية ولا لغة ولا منطق، وأفضل مثال على ذلك حادثة انشقاق القمر، والتي سنتناول كيف تعامل معها العمري في الأسطر التالية.

بين تواتر الحادثة ووجوه التفسيرحاول العمري التشكيك في وقوع هذه الحادثة، بانياً تشكيكه على نقاط واهية باطلة، نستعرضها بعونه تعالى ونبين بطلانها واحدة بعد الأخرى.

من أهم النقاط التي يبني عليها العمري شكوكه هي محاولة الخلط بين أمرين: الأول حادثة انشقاق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني تفسير قوله تعالى {اقتربت الساعة وانشق القمر}، وتمسكه بقول ضعيف مرجوح هو أن الآية الكريمة رغم أنها بصيغة الماضي فالمقصود بها أن الانشقاق سيحصل في المستقبل.

وللرد على ذلك، نقول بعد الاتكال على الله: أما حادثة انشقاق القمر، فقد أجمع على حدوثها العلماء والرواة والمحدثون وكتاب السير.

يقول ابن كثير في فصل من كتابه البداية والنهاية، عنوانه “انشقاق القمر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم”: “وقد أجمع المسلمون على وقوع ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام، وجاءت بذلك الأحاديث المتواترة من طرق متعددة تفيد القطع عند من أحاط بها ونظر فيها،ونحن نذكر من ذلك ما تيسر إن شاء الله”، ثم يقول بعد أن يذكر عشرات الروايات والأسانيد والطرق لتلك الحادثة: “فهذه طرق متعددة قوية الأسانيد تفيد القطع لمن تأملها

وعلى هذا المنوال سار جمهور المفسرين والمحدثين، وسنجد مثل ذلك في كتبهم وتفاسيرهم، وفي صحاح الحديث، فلا يوجد كتاب من صحاح الحديث، كالبخاري ومسلم وأحمد وغيرهما، إلا وفيه باب أو فصل عنوانه (انشقاق القمر)، يثبتون فيه ما ورد من أحاديث وأسانيد عن هذه الحادثة.

وأما تفسير الآية الكريمة {اقتربت الساعة وانشق القمر}، فإن الغالبية العظمى من المفسرين يرون أن المقصود بها انشقاقه في حياته صلى الله عليه وسلم، في تلك الحادثة بالذات، وأضاف بعضهم وجوهاً أخرى لتفسير الآية، ولكن من ذكر تلك الوجوه بيّن أنها مرجوحة ضعيفة، وأنها حتى لو ثبتت فهي لا تتعارض مع وقوع حادثة الانشقاق في حياته، أي لم يربط هؤلاء القلة الحادثة الحقيقية بالوجوه الضعيفة لتفسير الآية، فمدار إثبات الحادثة على تواتر الرواية، وتفسير الآية يؤكدها على أصح الأقوال، ولا ينفيها إن أخذنا بالأقوال الضعيفة.

ثانيا— إظهار الحالة السياسية والاقتصادية السائدة آنذاك ، وتحليل كل موقف بربطه بالواقع والدافع السياسي السائد حينها ، حيث صور المجتمع القرشي بصورة تتشابه أكثر مع مجتمعاتنا الحالية.. كل شيء متشابه .. خوف على المصالح ، خوف على المكانة ، خوف على الأموال والتجارة ، محاولات المساومة ، محاولات الردع والتخويف ، البطش ، كل شيء متشابه.. المجتمع القرشي لم يكن ذا بطانة سيئة حتى رفض النبي .. إنما هو مجتمع فيه كل صفات البشرية العادية التي تدفع المرء لحماية مصالحه ، هو حب الدنيا المزروع في النفس البشرية.. نفس السياسات التي تتبعها الدول في العصر الحالي،

نفس ردة الفعل على كل ما هو جديد نفس المخاوف.. نفس الحروب النفسية والإعلامية والجسدية.. لم يكن مجتمع بدائي ليس عنده صلة بواقعه والدول المحيطة به كما نتخيل.. لم يكن مجتمع منعزل لا يفقه شي.. قد بانت قريش الآن أنها دولة مثل كل الدول ومجتمع مكة هو كمجتمعات اليوم .. التشابه صار كبيراً لدرجة تسمح لنا بعمل مقارنات وفهم الدوافع البشرية التي أدت بهم لرفضه صلى الله عليه وسلم وبالتالي تخيّل لو أنه صلى الله عليه وسلم ظهر بيننا هل ستكون ردة فعل أغلبنا مثلهم .. بالنظر إلى جوانب التشابه .. نعم سنكون مثلهم .. للأسف!

فكّلنا تهمنا مكانتنا ومصالحنا كدولة وكأشخاص ، وجلنا نحرص على الحفاظ عليها وعلى أموالنا وهذا يظهر فينا حالياً عند تفضيل ذلك كله على سنته ونهجه وكتابه. نحن نشبه قريش تماما وربما أسوأ.

اعتمد العمري على ترتيب نزول الآيات كدعم لترتيب الأحداث وفهم الآيات بمناسبات نزولها وأوقاته.. لذلك كان شرحا فريداً جديدا ينمّ عن فهم وإدراك واسع. لذلك تأكد لي كم هو مهم أن نقرأ السور بترتيب نزولها وأسبابه ، فذلك يغير النظرة القاصرة للمعاني ويجعلنا نتفاعل مع الآيات كأنها تتنزل الآن.. نحس بالخوف بالقوة بالأمل بالخشوع.. كله بشكل مباشر .

كان هنالك العديد من الأفكار والقضايا المطروحة في الكتاب ، حيث فند الصحيح من الضعيف على تفنيد الصّحيح من الضعيف، مثل:

أولا : إثباته أن كل الكلام عن العلامات التي حدثت عند مولده من انطفاء نار المجوس وانشقاق عرش كسرى وما الى ذلك كله ضعيف بل موضوع.

ثانيا : أثبت أن تفاصيل حديث حليمه ضعيف من كثرة المرعى بعد الجدب ومن أن أهل مكة كانوا يسترضعون أولادهم في البوادي.

ثالثا : قصة الراهب صحيحة لكن تفاصيلها منكرة والغمامة متناقضة مع ما أراد الله أن يعود نبيه عليه من المشاق والصعوبات التي واجهته طول حياته مثل وعوة الطريق والحر والعرق.

رابعا : تحليله للشخصيات والمؤثرات عليها في بعض المواقف مثل:تحليله لشخصية أبو طالب الرقيقة التي تركت مجالاً لحرية النبي ، على عكس جده عبد المطلب الذي كان مستبد قوي الشخصية ، ولو بقي عنده صلى الله عليه وسلم لما تكون فكره الحر. وأيضاً في مقطع وفاة أبي طالب الذي حلل فيه العمري سبب إصراره على أن يكون على ملة أبيه.. وهو ضعف شخصيته وخوفه الدائم من أبيه (المستبد القوي الشخصية ) ومن مخالفته حتى ولو كان ميتا.. حيث أنه وقف أمام قريش كلها وانتصر عليها وانهزم أمام شبح أبيه.. "بل على ملة عبد المطلب".

من المعاني الجميلة الي احتواها الكتاب أيضاً:

- إصلاح المجتمع والأخلاق وبناء أواصر قوية بين الأفراد هي أول دعوى الإسلام بعد التوحيد.أول قصة لنبي نزلت في القرآن هي قصة يونس في سورة القلم التي كانت ثاني سورة منزلة ، وذلك لتطمين قلب النبي أنه يوجد من استطاع أن يغير قومه وذلك بعد أن قال له ورقة بن نوفل أن قومه سيخرجوه.. فلا بد أن نفس النبي كانت تقول له كيف سيستطيع وحده ا

- إقناع قومه؟ وذلك لا بد كان له أثر في تثبيته.- من معاني آية "وثيابك فطهر" أن لا تغرق بقضيتك لدرجة أن تبدو غير صالحة للعيش في المجتمع.. فمن يعمل من أجل الناس أو قضية مهمة قد يظن أن الهندام هو شيء تافه لا قيمة له .. لكن لا .. المظهر الاجتماعي شيء أساسي في الدعوة.

"الرجز فهجر" ... الوساوس والقلق والاضطراب والخوف من الآتي.. هل سيؤمنوا هل سيصدقوا؟ مالذي سيحصل؟

- النبي بشر وكان يؤلمه ما يؤلم الناس عندما يمشون بين قومهم ويسمعون التهامس والسخرية.. وخاصة أنه كان في مرحلة تغيير من نفسه مرحلة الخروج من الدثار الذي كان يركن إليه في عزلته .. تغيير النفس صعب وسيصبح أصعب عندما ترافقه أزمة نفسية سببها أذى الناس.. لذلك كانت الآيات تشد أزره وتقول له أن لا يستمع ولا يهتم لما يقولون ولا يضع ما يتهمونه به نصب عينيه ويحاول إثبات عكسه .. بل تجاهله.

- قريش كانت تحرص على الحياد من حرب الفرس والروم حتى تتأثر تجارتها ومكانتها وعلاقاتها مع المملكتين.. وعندما جاء الرسول أحسوا أن تعاليمه ممكن أن تقربه من أن يكون مع الروم .. مما سيسىء علاقتها مع الفرس وتخسر مصالحها معها وأموالها وتجارتها ومكانتها .. فكان هذا سبباً في محاربة الدين الجديد.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق