قرية الجدة عشتار > مراجعات رواية قرية الجدة عشتار > مراجعة Moustafa M. El Sayed

قرية الجدة عشتار - السعيد عبد الغني
تحميل الكتاب

قرية الجدة عشتار

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

#ماراثون_القراءة_مع_بيت_الياسمين

صادفتني مشكلة عويصة مع هذا الكتاب.. فلقد بدأت القراءة فصدمتني غرابة أسماء الشخصيات مثل عشتار وبزوغ .. ثم حوارات لم استسغها... وألفاظ غريبة وسرد معقد لأحداث لا تتحرك، ولا تسهل عملية متابعة القراءة لفهم ما، بل تشتت الذهن وتحيره.. ثم جاء الفصل (5) فوجدته قد حشر حشراً في سياق الرواية.. لم أر أن له علاقة بفصل قبله أو بعده.. وفي نهاية الفصل يقول بطل الرواية محدثًا نفسه أو ربما يحدث القارئ: "كانت هذه الأحداث الغريبة والمعقدة تعنون ميثولوجيتي وتملؤني بالشعر الكامن". هنالك أدركت أن قدرتي على التحمل قد نفدت، فطرحت الكتاب جانبًا ونسيت أمره.

الصدفة وحدها هي التي أعادتني لاستئناف قراءة الكتاب.. فقد كنت أتصفح موضوعات (بوستات) صفحة "مجموعة وهبان" المدهشة بأعضائها على الفيسبوك، عندما طالعت مراجعة للكتاب كتبتها إحدى الزميلات، فوجدتها وكأنها تكتب ما يدور في عقلي تمامًا، فسمعت هاتفًا يهمس لي: "لست وحدك". وهكذا أعادت هاتان الكلمتان شحن بطاريات الحماس لدي، وتقمصت دور الريس حنفي في فيلم ابن حميدو.

*****

"بزوغ" الابن وبطل الرواية هو الذيى يروي الرواية.. فيحكي عن أبيه الشيخ السلفي الذي يكره الصوفية ويعدهم كفارًا. بينما الجدة أم هذا الأب قضت حياتها في خدمة الصوفية والمتصوفين والحضرة والمريدين والمجاذيب.. ثم يسترسل بزوغ في الحديث عن نفسه.. يلعب كرة القدم في كل وقت، ويجيدها لكنه لا يجيد الفوز، واستمر الحال هكذا حتى منعني أبي من ممارستها..

تجربته مع صديقته التخيلية، التي يلقبونها بالعاهرة، لكنه لا يعرف دلالة اللفظ.. هي أول معرفته بالعالم؛ أي المجتمع والناس، وذاته ورغباتها وتفاعلاتها وخروجها من الطفولي..

هو ينتسب إلى عائلة كبري، لكن فرع عائلته مشهور بالوحدة والعزلة والمواهب والغرابة وتجليات كثيرة للمرض النفسي والعقلي، والصرامة وما يسمي بالحنبلية في التشدد. ونفهم بالطبع أنه متمرد على كثير جدا من عادات وتقاليد الأب وصحبته، والتي يريدون فرضها عليه.. فهو ينتشي بالأغاني والمدح والربابة.. والبائحون والبائحات ...

حزين دائما هو ووحيد، ويستلذ بالوحدة حتى لو في غرفة دجاج... ويقول الوحدة هي أن لا يفهمك أحد.. ويقرأ كثثيرًا من الكتب.. لابن تيمية ونيتشه..سبينوزا وليفيناس وغيرهم. وحوله دائمًا الكثير من الأدوية والأقلام والأوراق وبعض الفرش، للقراءة والكتابة والرسم.

يخبرنا بأنه مريض بمرض ثنائي القطب، هكذا شخص الأطباء حالته...

لا يستطيع مقاومة رغبته في الانتحار... يتعاطى المخدرات ويشتريها بنفسه من الديلر..

يكتب مقالًا عن جنون نيتشه من وجهة نظر باتاي..

يجري إلى الحضرة، ويطوف مع الطوافين.. ويناجي ربه، ويشكو له أحواله ..

"أنا مجنون، يسموني هكذا أو ينعتوني هكذا" عبارة كتبها بزوغ في مطلع أحد فصول الرواية.. عندما قرأتها علا صوت ضحكتي وهتفت كأرشميدس: "يوريكا يوريكا!!".. فقد اكتشفت لتوي مفتاح الرواية. فبزوغ الذي اختاره المؤلف كراوي للرواية هو مريض بخلل نفسي أو مجنون.. وهو يكتب ويسرد الأحداث والشخصيات كما يراها بعقله ويعبر عنها بلغته.. ولذلك فمن المنطقي جدًا أن يجتمع في فقرات الرواية وفصولها مختلف الغرائبيات والتناقضات، وألفاظ لا نفهمها ولا هو يعرف لها دلالة، وألفاظ أخرى تستفز القارئ ليبحث عنها في المعاجم فلا يجد لها أثرًا هناك..

فكل معاناة القارئ تتوقف تمامًا عندما يمسك بيده هذا المفتاح.. وهو ببساطة شديدة مع الصفحة الأولى لهذا الكتاب "انس المؤلف الأستاذ السعيد عبد الغني.. فكل ما ستقرأه حتى الصفحة الأخيرة هو من تأليف بزوغ المريض بخلل نفسي أو المجنون". بهذا المفتاح يصبح أي شيء تقرؤه مقبولًا ومعقولًا.. وستستمتع بالقراءة.. وأفكار من عوالم شتي تمر بفكرك... وستستوعب وتتعرف على دوافع وأسباب ما تقرأه عن تمردات على العادات والتقاليد والأديان.. منطقية أحيانًا ومجنونة أحيانًا أخرى.

هكذا واصلت القراءة، وعرفت أن بزوغ قد أدمن الرقص عاريًا علي سطح البيت كنوع من التداخل في الفجر مع الانسحار اللوني. ويستمتع وحيدًا بشطحات السكر ونشوى التحشيش..

وتمضي الأحداث..

*****

حقيقة لن أغضب إذا خاطبني مؤلف الرواية أو قارئ ما قائلًا: ما هذا الهراء الذي كتبته؟! هكذا سأدرك أنني فهمت الرواية على نحو خاطئ. لكن سأكون قد تعلمت درسًا مهمًا في القراءة وفي الكتابة عن قراءاتي..

وفي الختام نتقدم للمؤلف بجزيل الشكر وخالص التحية.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
2 تعليقات