أوراق شمعون المصري > مراجعات رواية أوراق شمعون المصري > مراجعة مصطفى يحيى

أوراق شمعون المصري - أسامة عبد الرءوف الشاذلي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

رواية من أمتع وأجمل ما يكون.

من النادر جدًا أنك تلاقي رواية بتمثل النموذج الأفضل في جوانب كتيرة، في البحث التاريخي الدقيق، في التناول الاجتماعي لحركة المجتمعات، في بناء الشخصيات وتصاعدها، في المعالجة الدرامية، في الخلط الفني بين تناول التاريخ بالقدر اللي يسمح بتطور الشخصية وتصاعد الأحداث، في اللغة الراقية والألفاظ المنتقاه بعناية بما يناسب الحقبة الزمنية ، وفي الحفاظ على وتيرة التشويق وسط كل ده.

الحقيقة الرواية دي نموذج نادر للرواية التاريخية المعجونة بالفلسفة، وللرواية التاريخية التعليمية دون شبهة وعظ أو تقرير .

في مبدأين مهمين في الكتابة الإبداعية .

المبدأ الأول هو (صوّر ولا تقرر Show don’t tell ) وده بيهدف إلى التأكيد على إن الرواية هي في الأساس حكاية، حدوتة، قوامها الأحداث وليس اللغة التقريرية.. وبرغم إن مجال الرواية أو موضوعها الأساسي هو تناول حياة بني اسرائيل بعد الخروج من مصر وبدء الطريق إلى القدس، وهو موضوع شائك ومعقد ومحتاج خبير في الأديان وخبير في التاريخ، إلا إن تصوير الحكاية والمواقف المختلفة وفرق بني اسرائيل واختلافاتهم في الرأي والعقيدة، كان جميل وسلس وبيخلي القارئ قادر يشوف الأحداث ويفهم الشخصيات ودوافعها. كل شخصية فعلا مرسومة بدقة، وواخدة مساحتها في العرض بما يخدم الحبكة وتطور الأحداث، ودي معادلة صعبة جدًا وتحتاج لموهبة قوية، ومعادلة شبه مستحيلة بالنسبة لتجربة أولى في كتابة الرواية، باعتبار إن دي رواية Ossama A. Elshazlyالأولى.

المبدأ التاني؛ هو إن الحوار يجب أن يهدف لأحد أمرين؛ إما تصاعد الأحداث ، أو بناء الشخصية وتصويرها. وده متحقق جدًا هنا، لإن مش بس الحوار كان بيخدم في أحد الجانبين دول، وأحيانًا في الجانبين معًا، لكن كمان سرد الأحداث التاريخية والمواقف الفلسفية، كان الغرض الظاهر للقارئ مش استعراض عضلات الكاتب، ولكن فعلا استكمال لعملية رسم الشخصية وتكوين دوافعها.

في نهايات الرواية ، لما كان التاجر شهبور بيحكي الحكايات الثلاثة اللي ذُكروا في سورة الكهف عن لقاء سيدنا موسى بالعبد الصالح، وبسبب طول المساحة اللي أخذتها الحكايات الثلاث، وبرغم إن تم تصوير الحكايات وسردها بشكل جميل وتفصيلي جدًا، إلا إني حسيت إن الحكي التاريخي لم يعد يخدم الهدف الروائي ، لكن بعد كدا اكتشفت إن الكاتب لعب لعبة حلوة، لإن التفصيل دا كان تقديمة بتوضح تحول مهم جدا في شخصية شهبور، وفي نقل الأحداث لمنحنى جديد ما كنش هيكون منطقي لولا التقديم التفصيلي للحكايات الثلاث للعبد الصالح.

وده الحقيقة عجبني وزاد افتتاني بالرواية..

ده بخلاف إن الرواية مثال رائع فعلا لسرد أفكار الكاتب الفلسفية في قالب روائي حكائي غير متعالي، بالعكس ، تشعر معه بالألفة والحميمية.

قد يكون عيبها الوحيد هو طولها الشديد، إذ تتجاوز ٦٠٠ صفحة بكثير.. والحجم ده للأسف ممكن يخلي بعض القراء يخافوا منها أو يبتعدوا عنها.

لما عرفت انها في طريقها لتتحول إلي مسلسل فرحت جدا، لإن الرواية فعلا مثال ممتاز لإعادة الربط بين الفن المكتوب والفن المرئي بعيدا عن وصفات وخلطات السوق التجارية..

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق