القاهرة الجديدة > مراجعات رواية القاهرة الجديدة > مراجعة دينا ممدوح

القاهرة الجديدة - نجيب محفوظ
تحميل الكتاب

القاهرة الجديدة

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

*تبدأ الرواية مع جُملة تصف حال المكان والزمان الذي تبدأ فيه الرواية، جُملة قد تبدو إذا ما استخدمت الآن أكلاشيه، ولكن لنجيب محفوظ رونق البداية دائمًا، فجاءت بداية الرواية وكأنها ملحمة من الوصف والعبارات البديعة التي جعلتني أرى الرواية مشاهد مصورة وليست مجرد سطور وكلمات، البداية كانت قوية لذا توقعت ما سيأتي بعد ذلك.

-عندما بدأت في الصفحات الأولى لم أشعر إلا وأنا أنهي جزء كبير من الرواية، ويدور في ذهني جملة "ما هذا الجمال؟"، وبعض الجُمل كنت أتوقف امامها لأقول "الله".

*بعد هذه البداية وجدت نفسي وجهًا لوجه مع الأبطال في مباراة من الحوار ما بينهم، يقول هذا جُملة فيرد عليه الأخر، فأستطعت أن أتعرف على مأمون رضوان المتدين، علي طه الحالم ونظرته للمستقبل، أحمد بدير الصحفي، ومحجوب عبد الدايم الناقم على كل شيء وشخص حوله.

-لكل واحد من الأبطال شخصية مختلفة وفكر مختلفة، ولكن الحوار كان هو بطاقة التعريف أن لم يكن البطل على مدار الرواية بالكامل بجانب الوصف، فأستطعت من خلال الحوار التعرف على الأبطال بصورة أفضل وبمنتهي السلاسة والبساطة دون اقحام الكثير من الأحداث والتفاصيل التي قد تكون غير مهمة أو تسبب ملل.

-شخصية إحسان شحاته من الشخصيات النسائية التي لا تعلم هل تتعاطف معها أم تقسو عليها، من البداية وأنا أرى إنها شخصية لا تملك اختياراتها، سواء حين طرح عليها علي طه أن تلتحق بكليته لكي يكونوا فقط معًا، فلم يكن لها رأي أو طموح محدد، حينما طلب منها والدها أن تكون مع قاسم بك، فلم ترفض وتخلت عن الحلم والحب.

-حتى بعد ذلك حينما اكتملت الصورة التي حلمت بها لها ولأسرتك لم أفهم هل أحبت محجوب أم فقط تبادلت المنفعة معه ليس أكثر، لماذا رفضت عفت الذي عرض حبه علنًا لها، على الرغم من إنها كانت يمكن أن تجني المزيد من الثمار ببعض من التنازلات التي لم تجيد سواها طوال الرواية، في بعض الاوقات كنت أجدها علامة استفهام كبيرة بالنسبة لي وفي البعض الاخر كان واضح استغلالها وضوح الشمس.

*شخصية محجوب عبد الدايم من أكثر الشخصيات الأنانية التي قابلتها في الحياة عمومًا وفي الروايات خصوصًا، لا يرى سوى نفسه، مستقبله وماله ومظهره الاجتماعي كل شيء لا يضاهي النظرة التي يرسمها لمستقبله والتي من المستحيل أن يتخلى عنها ولهذا قدم الكثير من التنازلات حتى نفسه وذاته كانت أسفل قدم طموحاته، لن أقول مبادئه كانت معهم لأن مبادئه لم تتواجد يومًا.

-من أكثر الأجزاء التي شعرت فيها بالغصة هي حين لم يفكر لمرة واحدة أن يتواصل مع والده لمنحه بعضًا من الأموال التي كان ينتظرها منه عند تخرجه، فكر في نفسه ومظهره الاجتماعي وتوفير بعض الجنيهات لهذا، أردت أن أتعرف على طفولة محجوب عبد الدايم، ما الذي حدث له حتى يصبح بتلك الأنانية والدناءة حتى مع أقرب الناس له.

-الملفت أن محجوب حينما قابل كل هذا الزيف في المجتمع الجديد الذي دخله، لم يعرف كيف يتميز بينهم، كان يتميز بين زملاء الجامعة بالاستهتار والجراءة والأنانية ولكن حين قابل هؤلاء وجدهم مثله، فكيف يتميز بينهم حتى أنه فكر أن يكون متدين مثل مأمون ليكون مختلف، وكأنه كالثعبان يستطيع أن يغير جلده ليتماشى مع المحيط من حوله.

*يمكنني القول أن هذه الرواية من أجمل الروايات التي قراءتها بشكل عام لنجيب محفوظ خاصة، تتميز باللغة القوية والمفردات الرنانة التي كان له السبق في استخدامها بكل تأكيد، الرواية كانت مصورة بكل ما في الكلمة من معنى، كل الأشخاص يمكنني رؤية ملامحهم وصفاتهم وكل الأماكن أراها أمامي.

-يستطيع نجيب محفوظ أن يتلون بجميع الألسنة التي تتماشى مع روح الرواية التي يكتبها، في الروايات التي تدور احداثها في الحارة أجده يتحدث بلغة الحارة بمفرداتها وسبابهم وحركاتهم وكل شيء ينم عن هذه البيئة، وفي القاهرة الجديدة يتحدث بلغة مختلفة تمامًا، فإذا لم تكن تعلم انه كاتب واحد لتلك الروايات جميعها فلن تتعرف عليه وحدك أبدًا.

اقتباسات:

❞ يذكُر ما يُقال عن سير مُتصوفي الهنود، وعجِب كيف يُقاومون الجوع تلك المقاومة الخارقة، وكيف يصبرون على الألم ذلك الصبر المُر، ويجدون في هذا وذاك لذةً عالية!. ربَّاه. لشدَّ ما احتارت هذه الكلمة البديعة «اللذة» بين أمزِجة البشر، أما هو فلذَّاته بيِّنة، وحِرمانه بيِّن كذلك❝

❞ كانت أحلامه لا توقفها السموات، وزادها الجوع جنونًا❝

‏❞ قرنان في الرأس، يراهما الجاهل عارًا، وأراهما حِليةً نفيسة. قرنان في الرأس لا يؤذيان، أما الجوع…! سأكون أي شيء.. ولكن لن أكون أحمق أبدًا. ❝

❞ إذا تزعزع إيمان الإنسان بالله غدا صَيدًا سهلًا لكل شر❝

❞ فالمجتمع الذي نعيش فيه يُغْري بالجريمة، بيدَ أنه يحمي طائفة المُجرمين الأقوياء وينهال على الضُّعفاء. ❝

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق