قرية الجدة عشتار > مراجعات رواية قرية الجدة عشتار > مراجعة Rabiaa Alkhatib

قرية الجدة عشتار - السعيد عبد الغني
تحميل الكتاب

قرية الجدة عشتار

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

"قرية الجدة عشتار "

عنوان الرواية ملفت حيث التساؤل عما يجري في تلك القرية بالإضافة إلى الغلاف اللطيف.

هي رواية مكثفة وزاخرة بالتضمينات والرموز، تمتاز ببعض الفوضى بفصولها متعددة القصص إلا أن الأحداث جنيعا تدور ضمن قرية واحدة هي قرية البطل الثائر غريب الاطوار منذ الطفولة أي قرية جدته عشتار، حيث تأتي إليه نبوءة المجنون بالجنون مثل حلاوة على عسل، لا يكتفي الكاتب من إظهار تناقضات مجتمعاتنا والكبت الذي تعيش فيه، بل يذهب أعمق من ذلك بكثير حيث يرينا من خلال قرية صغيرة واحدة الصراع الأكبر بين الدين بما هو جوهري متعلق بحرية الناس وبطرقهم الخاصة للمارسته وبين سلفية متشددة تحاول فرضه بالقوة بأشكال وأنماط محددة يمنع الخروج عنها بحيث تكفر وتزندق وتهرطق كل الخارجين عنها.

يعالج السعيد في روايته مسائل كالخروج عن المألوف والإبداع من منظور الشاعر ذو النزعة الصوفية المتخلي والزاهد والتارك والرافض حتى لكل النعوت والتصنيفات التي تقف حائلا بيننا وبين إدراكنا لجماليات الآخر الغريل واختلافه.

يطرح مسائل مثل الحب، الصداقة، الجنس، الزواج فالزواج برأيه عبارة عن عقد ملكية يقوم الطرفين بالتسلط على أثره على بعضهما وبالاخص في مجتماعتنا حيث تعتبر الزوجة ملكًا للزوج بكل ما فيها جسديا ونفسيا.

بالإضافة إلى مسائل مثل العنف والألم والمتعة ومناقشته للمازوشية والسادية من منظور غير اجتماعي.

وفيما لا يكتفي السعيد بالتطرق إلى المجتمعات العرببة وما يسودها من النفاق وإداعاء أشياء والقيام بعكسها،أي النهي عن أمور وتحريمها بينما تحليلها للنفس ولكن من وراء ستار وبالذات ما يقوم به رجال الدين. بل ينتقد أيضا مجتمعات المثقفين حيث أن كل مجتمع او تجمع يحتاج منا بعض النفاق وارتداء الاقنعة والتصرف عكس ذواتنا ورغباتنا الحقيقية.

يتساءل البطل لماذا يقدس المجتمع السلطات أليس ذلك خوفا على معنى ما، مما يجعله رهينا للسلطات وخاضعًا لها ليجد أن ألم التسلط أرحم له من الألم المتأتي من الحرية والعدمية.

في الرواية لا تخفى أبدا شعرية السعيد، ذلك الشاعر النابذ للأمكنة بحيث يجد فيها سجنًا له فالمجنون لا مكان له هو مثل عصفور مرتحل نحو عوالم مفارقة وبعيدة ومجردة من صنع مخيلته التي لا تحدها الحدود العادية.

يعطي السعيد الأهمية للميثولوجيا، لكن ليس من حيث أن نؤمن بها، بل أن نكون نحن خالقي ميثولوجيا مما يجعلنا نرتفع ونتسامى عن اليومي والعادي والمبتذل مناشدًا في طريقه إعطاء الأهمية للعواطف الفنية والشعرية، فلا ننساها على حساب أذهاننا حيث يكون التفكير أحيانا بمثابة حجر او عائق أمام حريتنا وجماليتنا.

لا يخلو هذا العمل من الغموض،الغرائبية، الجنون، حيث لا يمكن لأحد أن يعقل كمية ثورة أكثر من هذه، أن ينتحر شخص ما عن مإذنة، إنها غاية الشعرية والجنون والتمرد، يميل البطل إلى حب الخراب والفوضى والبحث عن الجمال في غير مواطنه، تعجبه الفوضى ولكن ليس المتعارف عليها بل تلك التي تجعله يبعثر الواقع ليعيد تشكيله من جديد او يأتي بآخر أكثر وأعمق تجريدًا.

أعجبني آخر مشهد من الرواية حيث يكون البطل في مصحة نفسية وكيف أن المجتمع يطلق لفظة الجنون على ما هو غير قادر على استيعابه، وإدراكه، فالجنوم ليس فقدانا للعقل بمعنى ما بل هو حكمة من منظور آخر، فكر ملتوٍ عن الطرق العادية والمملة والرتيبة ويتجلى ذلك بحديث البطل مع المجنون الذي دعاه للقيام معه، ذلك المجنون الذي خلق فراغا لنفسه لأنه يعرف أن المبدع مصيره العيش وحيدًا، حيث يرتبط الخلق وألوهية الإنسان بمعايشته لمشاعر الوحدة والكآبة والعزلة.

برأيي إن إنها السعيد روايته بالمرأة التي تضرب راسها بالحاىد صارخة" أنا عذراء" هي أكبر نقد وهجاء ورثاء لحال المرأة العربية التي مازالت حتى يومنا هذا تعاني من القيود على عقلها وأكثر على جسدها بحجج الشرق والعذرية، والأخلاق الفاضلة.

إنها رواية مكثفة وعكيقة فلا يمكننا استنفادها بقراءة واحدة ولت حتى بعدة قراءات، خصوصا الحوارات الغرائبية بين الشخصيات الخارجة عن المألوف والتي لا تعترف بالقيم السائدة.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق