رحلة في عقل مريض الفصام:

تأخذنا "ٱمال راشد" برحلة داخل غرف رأسها، الغرف شديدة الفوضى، كريمة الموائد كما سيتضح خلال الصفحات، فمن المستحيل أن يجتمع كل هؤلاء البشر -من جميع الفئات والأعمار- فيها، لو لم تكن ليدي مضيفتهم سمة الجود، ولقلبها رأفة العطاء.

تحكي لنا على مشارف كل غرفة، عمن نحنُ بصدد لقائه بالداخل، باختصارٍ لبق، وبلغةٍ تصف رتوشًا عن حيواتهم، وحياتها وسط ضجيجهم، وحضورهم القوي.

فهذه الضيفة وأبناؤها مثلًا، هم من أوائل من استأجروا حياتها، منذ أن كانت طفلةً جدًا على عملٍ كهذا، طفلة جدًا على أن تفقدهم بعد ذلك، ويعرفهم لها من حولها على أنهم أشباحًا، صنعها رأسها الصغير، لتمضية الوقت ربما! فتسأل هي: ❞ لماذا لا تبدو أشباحي كتلك التي في الأفلام بالرداء الأبيض ذي الثقوب؟ ❝

وكانت هذه أول وقفاتي مع الكتاب؛ المرض النفسي يستطيع أن يبدأ في مضغ الرؤوس، طالما أن أصحابها صاروا قادرين على مضغ قطعة اللحم! صغيرًا جدًا يمكن أن تبدأ رأسك في العبث، صغيرًا جدًا ستبدأ في تأجير عقلك!

تسير سنوات عمرها، وكذا سكان رأسها، تراهم يعبرون معها الشارع، يرافقونها في رحلة القطار، ويعبثون فيما تملك، عبث صاحب الشيء والممسك بمقاليده، حتى في نومها، لم يصمتوا، ترك لها موتاهم، حكاياتٍ تقرض على رقدتها، المسكينة وحيدةٌ جدًا، مكتظةً جدًا! أو كما وصفت هي "هادئة من الخارج، زاخرة من الداخل"!

تحاول مصادقتهم فيدفعونها للجنون، تحاول اعتيادهم فيأتون بزائرٍ جديد، حتى لحظة مكاشفتها لنفسها بالحقيقة الأوضح، "أحتاج إلى مساعدة" لتبدأ أخيرًا في رحلة للقضاء على ضيوفها.

الحقيقة أنني سعيدة لقراءتي لشيءٍ بهذه الدرجة من الخصوصية والمصارحة، وأزعم أن الكاتبة عاد كلها كل شعورٍ سيئ عاشته خلال عمرها بينما هي تكتبه، لكنّ هدفها من التوعية، وحرص على زج ضيوف الجميع الغير مستحبين، إلى أقفاص الطب، وإحكام الإغلاق عليهم بقفل التعافي.

شكرًا ٱمال!

@بيت الياسمين - bait alyasmin

#ماراثون_القراءة_مع_بيت_الياسمين