مراجعة رواية "رحّال" -أسفار عبر مدن بلا نهايات-

والتي رويت في ٢٦٦ صفحة.

هناك بعضُ النصوص تترك عقلك، بعد أن تفرغ منها، ساكنًا محتارًا، وتعد هذه الرواية قطعًا، مثالًا لهذا المصنف.

تتركك متساءلًا "متى كانت جلستنا الأولى معها؟ كيف ٱلت بنا إلى "تمت" فجأة؟ لمَ كُتبت نيرة إن كان علينا تركها على حين غرة؟ وما هو سامي؟ -أسأل "بما" لعدم ثقتي في حقيقيته-"

تبدأ الأحداث مع سجائر نيرة، الفتاة التي تعرّف لفظ "مطمع"، ثم تغوص بنا -بصوت الراوي الحكيم- في شوارع وحواري وأزقة القاهرة، ناقلةً إليك حيثما أنت، نبضها وروحها، مع سامي، الذي تفتقدُ حياتهُ الحس، رغم امتلائها نظريًا به.

يغذى شريان الروايةِ بخط هند ورفعت، الخط الذي في رأيي اقتطع واجتزئ، وكان ليغني الرواية أكثر، إن تمّ العمل عليه بصورةٍ مغايرة

لغة العمل رشيقةٌ واثقة، تمشي بكَ مرفوعة الرأس، واثقة الخطى، بين الأحداث، تجعلك تقرأ ما يزيد عن المائة صفحة في الجلسة الواحدة، دون أن بحجم ما قرأت.

روايةٌ تعدُّ صغيرةً نوعًا، لكنها كانت لتكون أقصر، لو لم يكرر الكاتب بعض الأوصاف أكثر من مرة، والتي يأخذ النصيب الأكبر منها جمال نيرة، وأخذها للب الجميع.

وهناك خط طبيعة عمل سامي؛ الاستعلام البنكي، أضاف متعةً وغزارة للرواية، لكنهم بتروا في رأيي، دون أن يستغلوا الاستغلال الأمثل. وهناك خط زملاء سامي، وخاصةً الموظف الأكثر خبرة "محسن" وددتُ لو تعرفتُ عليه أكثر، فهو بمثابة العم الذي يحبه الجميع.

ولكن أعود وأكرر، هذا العمل تركني محتارةً غير مرتكزة، شيءٌ ما ينقص اللوحة، وأظنه اللون الأسود فيها.

تجربة أولى لا بأس بها مع الكاتب، تركت في ما يدفعني بالتأكيد، لأن أقرأ له مجددًا.

بيت الياسمين - Bait Elyasmin

#ماراثون_القراءة_مع_بيت_الياسمين