أقفاص فارغة > مراجعات رواية أقفاص فارغة > مراجعة نهى عاصم

أقفاص فارغة - فاطمة قنديل
تحميل الكتاب

أقفاص فارغة

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

أقفاص فارغة

ما لم تكتبه: فاطمة قنديل

غلاف موحي بالكثير، تطالعنا فيه فتاة تحمل قطًا أسود، وإلى جوارها علبة للشوكولاته، تقف خلفها ممسكة بكتفيها امرأة تبدو مسيطرة، وإلى جوراهما إصيص ورود..

ومع بداية العمل نجد مفتتح بعنوان: علبة شوكولاته.. صدأت للأسف..

تتحدث عنها البطلة -الستينية-حيث وضعت به أوراق سطرت فيها قصائد قديمة في سن المراهقة، ونقلتها من بيتها القديم لتضحك عليها في شيخوختها..

ولكنها هذه المرة لم تضحك بل نحت الأوراق جانبًا ووضعت العلبة على مكتبها كي تتأملها..

تقرر البطلة كتابة سيرتها الذاتية وتقول:

"فكرة وجود “قارئ” لهذه الأوراق ترعبني.. أكثر من الرعب، كأنه العجز الكامل عن أن أواصل، القارئ، الذي طالما سعيت إليه، وكان يجلس على حافة مكتبي وأنا أكتب، أزيحه الآن بعنف، لا أريد أن يقرأ هذه الأوراق، لا أريد أن يتلصص على حياتي، لكنني أكذب أيضًا، لا يمكن أن يكتب أحد دون أحد، دون أن يشاركه شخص ما هذا الضجيج الساري في روحه"

وينصحها أحد الكتاب أن تكتبها بصيغة الغائب فتضحك قائلة:

❞ أنا أريد أن “أحضر” كما لو أنني كنت غائبة دائمًا، الحضور الكامل هو كل ما أحلم به، اليقظة، التي لا تفوت ضوءًا واحدًا في جوفي إلا حدقت فيه، حدقت فيه حتى يتلاشى، كعيون الميدوزا، لا أريد سوى أن أمسخ كل الذكريات إلى أصنام، ثم أكسرها، ثم أكنس التراب المتبقي منها، حتى ولو كنت، أنا نفسي، صنمًا من بين كل تلك الأصنام. ❝

تتأرجح الكاتبة بين الذكريات وها هي تتذكر كلام أمها عنها وعن الزبادي التي كانت تصنعها لها على ضوء لمبة هادئة، فتظل حتى الخمسين من عمرها لا تأكل صباحًا إلا الزبادي كما أنها:

❞ لكن ما ظل يلازمني، حتى الآن، كراهيتي للضوء، إلا من “لمبة أباجورة” هادئة، ربما تذكرني، دون أن أعي، بتلك “اللمبة” الدافئة المغطاة، تمد اللبن بتماسكه حتى ينضج، وتمدني - رضيعة - بالحياة. ❝

لم يكن للبطلة دومًا غرفة خاصة بها في بيت والديها واثنان من الأشقاء فكانت تمازح صديقتها قائلة:

"❞ حتى إنني أخبرت صديقة لي، ونحن نضحك: “عارفة أنا لو افتكرت أنا كنت بأنام فين وأنا ف إعدادي، كل مشاكلي في الحياة حتتحل!”.

تعرف الكاتبة جيدًا كيف تتوغل في النفس البشرية فتحكي عن دواخلها..

فها هي صرخة غاضبة أطلقتها الطفلة في الأسرة المفككة:

❞ “ماتتطلقو، ونعيش مع حد فيكو وخلاص، بدل النكد اللي عايشين فيه ده، قال بيضحي عشاني قال؟!” ❝

وهي صرخة هامة جدًا فكم من أسر تعقد فيها الأبناء بسبب استمرار الأبوين في علاقة مهشمة بحجة الأولاد..

كما أن الزواج بين طبقات اجتماعية مختلفة نادرًا ما ينجح..

تعرضت الرواية بصورة رائعة للطبقة الوسطى في مصر، وكيف كانت تتأثر في الحروب أو الأزمات الاقتصادية التي مرت بها مصر.. كل هذا بصورة اجتماعية لأسرة دون التطرق للسياسة أو المراحل التي مرت بها مصر مع عدة رؤوساء..

لغة الكاتبة فصحى بسيطة، متمكنة من أدواتها فنجدها مثلًا تقول:

❞ شيئان تعلمت - مؤخرًا جدًا- ألا أهزل فيهما، المرض والموت، ما إن ننطق بأي منهما حتى تتلقف الصوت آذانُ الأثير، لا يعرف الموت، والمرض شفراتنا، ومجازاتنا، وأكاذيبنا البريئة، يستقبلان الرسالة “حرفيًا” وينفذان ما فيها، بكل دقة، أحمق من يظن أنها أقدار مكتوبة، نحن نرسل الرسائل، في غفلة منا، وننساها، حتى يباغتنا الرد، حادًا، وعاصفًا. ❝

"ما كتبته على هذه الأوراق، كان مؤلمًا، لكنني كنت أتعافى منه في اليوم التالي، أشعر أنني تحررت من ذاكرة، وأحاول أن أتذكرها مرة أخرى، فتتلاشى، كأنها تبخرت فور أن كتبته".

❞ لا أستطيع أن أخبرها أننا نعيش، لكننا "نجبن" حين نكتب، وننشر على الملأ "ما عشناه". ❝

❞ لا أحد يمكنه أن يحيا، دون معركة، معركة تنمو إلى جواره، وتسير خلفه، كظله، كلما تحرك ❝

كل التمني للكاتبة بمزيد من الإبداع..

#نو_ها

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
1 تعليقات