لطالما كنتُ مفتونًا بروايات الجريمة والرعب، وتلك القصص التي تجعلنا متلهفين لمعرفة النهاية، تذيقنا لذة كشف الستار والوصول إلى الحقيقة بشكل أسرع من الواقع الذي يضن علينا بذلك ويسقينا كأس الحيرة بشكل شبه مؤبد، ينسينا الواقع تلكم المعاني بقسوة، وتعطينا إياها الروايات عن طيب قلب.

وها أنا سعيد من جديد بأنّي سأنتظر كتابات كاتبة اكتشفتها البارحة وهي "ميرنا المهدي"، ولم أستطع ترك القضايا الثلاثة في تحقيقات نوح الألفي بعدما بدأت، حتى انتهيت منها في قراءة متتابعة.

تميزت Mirna El Mahdy -من وجهة نظري- بما يأتي:

١. تجعل القارئ يألف الشخصيات منذ البداية، ومع ذلك لا تخرج كلّ ما في جعبتها عن الشخصيات، مما يجعل مساحَتَيْ الاكتشاف والدهشة -واللتان هما أهم عنصرين في روايات التشويق- مفتوحتان دائما.

٢. أسلوب السرد سلس وممتع وقادرٌ على الانتقال من حالٍ إلى أخرى دون تشتت ذهن القارئ بين الأحداث.

٣. امتزاجُ العامية والفصحى خدَمَ نوعية الرواية بشكل كبير، ولم يكن هنالك ابتذالٌ في اللغة بما لا يليق مع نوع المكتوب، بالعكس، هذا الخليط اللغوي كانَ معبِّرًا جدا، ينطبق عليه مَثَل: "لكل مقامٍ مقال"، ففي قصة "كريم كراميل" مثلا، لن تستطيع أن تبين الاختلاف الطبقي بين نوح وشكرية عن طريق استخدام الفصحى، لأنّ الفصحى يحيطها الوقار وإن كانت بأبسط مفرداتها، لكنّ استخدامها للعامية سهَّل لها أن تبين الأمر وأن تضفي للشخصيات نكهاتها وأبعادها التي تكشفها في أول مرة: اللغة المستَخدمة.

رواية جميلة، وفي الطريق لقراءة الأعمال الأخرى للكاتبة.