طوق الحمامة في الألفة والألاف > مراجعات كتاب طوق الحمامة في الألفة والألاف > مراجعة Rudina K Yasin

طوق الحمامة في الألفة والألاف - ابن حزم الظاهري الأندلسي
تحميل الكتاب مجّانًا

طوق الحمامة في الألفة والألاف

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب مجّانًا
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

طوق الحمامة في الالفة والالاف

ابن حزم الأندلسي

وقد علمنا أنه لا بد لكل مجتمع من افتراق، ولكل دان من تناء، وتلك عادة الله في العباد والبلاد حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. وما شيء من دواهي الدنيا يعدل الافتراق، ولو سالت الأرواح به فضلاً عن الدموع كان قليلاً. وسمع بعض الحكماء قائلاً يقول: الفراق أخو الموت، فقال: بل الموت أخو الفراق.

هذا الكتاب واحداً من أشهر الكتب التي تناولت موضوع الحب عبر التاريخ. وقد اكتسب شهرةً واسعة وتُرجم إلى عدة لغات في المشرق والمغرب. ألفه ابن حزم الأندلسي - أحد أشهر علماء وفقهاء عصره في الأندلس - قبل حوالي ألف عام نزولاً عند رغبة صديقٍ محب طلب منه أن يصنف له "رسالةً في صفة الحب ومعانيه وأسبابه وأعراضه، وما يقع فيه وله على سبيل الحقيقة". وهذا يدفع إلى أذهاننا التساؤل الأول: هل من الممكن فعلاً أن يُعرّف الحب وتُقسّم معانيه وأعراضه وأنواعه والمشاعر المتعلقة به وأن يصنف في كتابٍ أو رسالة؟

من موقع ويكا ابن حزم هو محمد بن علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، وقد عُرف بابن حزم الأندلسي الأزهري، ولد في الأندلس وتحديدًا في قرطبة في عام 994م، ويعدّ ابن حزم أكبر العلماء الإسلاميين في التصنيف والتأليف بعد الطبري، وهو فقيه ظاهري وإمام حافظ وأديب ومتكلم وشاعر، كما أنّه من المحللين النقاد، حتّى أنّه وُصف بالفيلسوف، كان ابن حزم وزيرًا سياسيًا للأمويين، شُرّد عن وطنه بسبب جماعة تتبع مذهب الإمام مالك فقامت عليه، ويُعدّ ابن حزم مؤسس المذهب الظاهري وعُرف عنه أنّه ممن ينادون برفض القياس الفقهي الذي يقوم عليه الفقه الإسلامي، ورأيه كان بأنَّه لا بدّ من وجود دليل شرعيّ صريح وواضح من القرآن أو السّنّة لإثبات حكم ما، ولم تكن نظرته ضيقة أو اختزالية ، توفي ابن حزم عام 1063،.

في أصل تسمية الكتاب

الحمام هو كن السلم والحب هو السلام وهو مبنياً على فكرة الديمومة والثبات؛ كقول العرب: "أبقى من طوق الحمام". أو أنه يحمل دليلاً على معاني الزينة والحلية واستلهام الجمال الذي هو مثار الحب. أو - بكلِّ بساطةٍ ممكنة - أن الحمامة هي رسول الحب والهوى، والطوق حليتها وزينتها، أو الأمانة المعقودة في عنقها لحملها من العاشق إلى المحبوب.

الكتاب

وهو من أدق وأروع الكتب العربية التي درست الحبّ وأسبابه ومظاهره، وقد تكلّم فيه عن موضوعات عدّة وفي الكثير من الأبواب منها باب الكلام في الحبّ وباب علامات الحبّ، وباب من أحبّ من الوصف وباب من أحبّ من نظرة واحدة وباب الواشي وباب الهجر وباب الوفاء، وفي ختام الكتاب تحدّث في باب قبح المعصية وباب فضل التعفف، وقد ألف ابن حزم كتاب طوق الحمامة بسبب صديق له طلب منه كتابة رسالة تصنيف في صفة الحب وأسبابه ومعانيه وأغراضه، فكتب عن ذكرياته في الماضي التي كانت مع جواري والده، وقد كتب في باب الكلام عن ماهية الحب وعلاقته بالروح والشكل، وحيث إنّه يؤكّد على ارتباط الحب بالروح،

تعريف الحب: "الحبُّ -أعزك الله - أوله هزلٌ وآخره جد، دقّت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تُدرك حقيقتها إلا بالمعاناة. وليس بمنكرٍ في الديانة ولا بمحظورٍ في الشريعة، إذ القلوب بيد الله عزَّ وجل وهنا اعتمد على الخلفية الدينية

ويكفينا هذا الاقتباس لملاحظة النزعة الدينية والقالب العقلاني الذي طغى على غير موضعٍ في هذه الرسالة. ولنا أن نسأل إن كان ذلك نابعاً من خلفية ابن حزم وفكره الديني، أو من حقيقة أنه كتب الرسالة رداً على طلبٍ من صديق؛ وبالتالي فقد كانت أشبه بالتوثيق والتوصيف العلمي، وأنها لو كُتبت في فترة أطول وفي وقتٍ مختلف من حياة ابن حزم لكان محتواها أو طريقة عرضها اختلفت عن المضمون الحالي.

أصل الحب عند ابن حزم "اتصالٌ بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة في أصل عنصرها الرفيع"؛ وهو يرى أن المحبة ضروب: محبة المتحابين في الله عزوجل، ومحبة القرابة، ومحبة الألفة، ومحبة التصاحب والمعرفة، ومحبة البر، ومحبة الطمع في جاه المحبوب، ومحبة المتحابين لسرٍّ يلزمهما ستره، ومحبة بلوغ اللذة، ومحبة العشق التي لا علّة لها إلا اتصال النفوس، والتي في رأيه هي المحبة الوحيدة التي لا تفنى ولا تزيد ولا تنقص كأنواع المحبة الأخرى.

يعتمد الكتاب على قصصٍ وأخبارٍ شهدها ابن حزم أو نُقلت إليه. ذلك أنه قد تربى في بيئةٍ تزخر بالنساء والجواري وهنَّ من علّمنه وأدّبنه فكان أن اطلع على الكثير من أسرارهنَّ والخبايا المتعلقة بهن. وهو إلى ذلك يزخر بالكثير من الأبيات الشعرية التي صاغها ابن حزم شواهد على فكرةٍ أو معنىً أو قصةٍ ذكرها. والأخبار في الرسالة تجمع بين المتعة والتعرف على المجتمع الأندلسي في عصره، والدهشة كذلك؛ كقصة فتىً أحب جاريةً في منامه، وذهب قلبه ولبّه وهام بها! وأصبح في حياته مغموماً مهموماً من حبه الذي عرض له في المنام!

ولعل أكثر أفكار الكتاب جدليةً، هو ما ذكره ابن حزم من أن الحب لا يكون إلا مرةً واحدة، ولحبيبٍ واحد. وهو يرفض فكرة أن يحب المرء اثنين، أو يعشق شخصين متغايرين. ويعتبر أن هذا لا يتعدى أن يكون شهوةً تسمى محبةً على المجاز لا على التحقيق. "وأما نفس الحب فما في المُبتلى به فضلٌ يصرفه في أسباب دينه ودنياه، فكيف بالاشتغال بحبٍّ ثان؟!" - وفي ذلك يقول:

يبقى أن نقول أن طوق الحمامة هو رسالة قيمة وكتاب فريد في الموضوع الذي تطرق إليه وعالجه. اتفقتَ مع ما ورد فيه أو خالفته، فهو يظل بالتأكيد كتاباً لا يخلو من المتعة والفائدة والأخبار العجيبة عن الحب والمحبين في المجتمع الأندلسي على وجه الخصوص، وفي سائر الأمكنة والأزمنة على العموم

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق