السكرية > مراجعات رواية السكرية > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

السكرية - نجيب محفوظ
تحميل الكتاب

السكرية

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

القراءة الأولى للثلاثية ومشاهدة الأفلام المُقبتسة أخذت مني أحد عشر يوماً، وأقول القراءة الأولى لأنني بكل تأكيد سأقرأها مرات أخرى، أما تجربة مشاهدة الأفلام فأظن أنها ستتوقف عند مرة واحدة، عشت مع تاريخ هذه العائلة التي كانت مثالاً لعائلة تتحول، وتنتهج التغيير الذي طرأ على مصر، ففي بين القصرين كانت السياسة أقل وطأة على الحضور، ولكن بنهاية السكرية تجد بدايات الكوارث التي وقعنا فيها ولا زلنا نُعاني من أثارها حتى الآن. لقد وقعنا في الفخ إذاً، ولا أعتقد أننا لناجون قريباً.

"فقاموس حياته لم يعرف للحب من معنى سوى الألم، ذلك الألم العجيب الذي يحرق النفس حتى تُبصر على ضوء نيرانه المتقدة عجائب من أسرار الحياة، ثم لا تخلف وراءها إلا حطاماً."

في الجزء الثالث "السكرية" كانت الأحداث أكثر جمالاً وجاذبية، هذا الجزء هو أكثر جزء اقترب لينشد الكمال الأدبي، لولا الأحاديث السياسية الزائدة والمُرهقة والمُملة، ولا أقصد بالأحاديث السياسية هو صراع الإيديولجيات الرائع والمُتجسد في شخصيات الأحفاد وذويهم، ولكن الأحاديث السياسية العامة مثل فلان شالوه وفلان ودوه وفلان جابوه، أعلم أنها مهمة لتأريخ سياسة حكومة مصر في ذلك الوقت، ولكنها بداخل الأحداث كانت زائدة ولاهية. ولكن ذلك لا يمنع أن للسكرية جاذبية خاصة، ليس فقط من تطعيمها بشخصيات جديدة براقة، ذو خلفية جذابة، وآراء مُثيرة للفكر والاهتمام، ولكن لأنها تُجسد نهاية الرحلة، وجميعنا نعلم أن نهاية الرحلة دائماً ما تكون الموت، في هذا الجزء كان الموت جاثماً وراقداً حصد كل الجذور، وترك لنا الأحفاد حائرين، ولكن من كان المُعذب الأكبر من وجهة نظري؟

“إذا لم يكن للحياة معنى فلم لا نخلق لها معنى؟!”

كمال، كمال كان المُعذب الأكبر، الأكثر أرقاً، فبعدما كرهنا دلاله وولهه في الجزء الثاني "قصر الشوق" وجدناه هنا شخصاً ناضجاً بعد أحداث الجزء الثاني بثمانية سنوات، كمال اللاديني العدمي، المُتحير دائماً والمُتشكك، أنه حتى يتشكك من لادينيته وإلحاده، كمال كان بمثابة إيكاروس، فقد حرقته المعرفة، كان يُريد معرفة كل شيء، فانتهى به المصير وحيداً غير متأكداً من أي شيء، حتى نفسه. إنه يرفض الزواج، يرفض الأديان، يرفض السياسية، يرفض عمله ولولا حاجته لراتبه لاستغنى عنه، يا لك من قلب رهيف يا كمال، حتى عندما جاءتك الفرصة لتخرج من كل ذلك، ظللت تتعلق بظلال الماضي، وتجتر الأحزان وكأن بؤسك لا يكفيك، وكأنك لا تجرأ على أن تأخذ خطوة قد تُريح عقلك قليلاً، وكأنك ترى طريق السعادة فتتخذ الطريق المُعاكس، لما لا يهدأ بالك وترتاح؟ الجميع حصلوا على نهايتهم، الجميع نرضى بنهايتهم، وأنت الوحيد بينهم كانت نهايتك الحيرة والشك.

"قد نضيق بالحُب إذا وجد، ولكن شد ما نفتقده إذا ذهب."

ولكن الأحاديث السياسية لم تكن عائقاً يمنعك من الاستمتاع بالرواية فالمواضيع المُختلفة التي تحدث عنها نجيب لتدهشك، من كثرتها ومن ندرتها وقتها، تحدث عن الطائفية والنسوية، الأخوان والشيوعيين والإشتراكيين، الشذوذ الجنسي، وإنتهاء عرش الملكية وما جرى للعائلات التابعة لها، ولكن الموضوع الأساسي في الرواية هو تقدم الزمن، يمر بنا الزمن فلا ندركه، فركز على ما فعله الزمن بالشخصيات الأساسية، من مات فقد ارتاح، ومن عاش فلا راحة له، فالزمن هو العدو الوحيد لك الذي لن تستطيع هزمه، فيستعين الزمن بصديقه العزيز الموت فحصد الأموات شخصاً وراء الأخر، إنها الحياة، ولشد ما كانت الحياة بائسة ومُحيرة، وإن الألم هو مُعرفها الأساسي، ومن لم يختبر ألم الحياة فلهو هانئ قرير البال، لا خوف عليه.

ختاماً..

انهيت الثلاثية ولكنها لن تنتهي مني، في المجمل كانت على مستوى التطلعات والآمال، وأن كنت أطمع في أكثر من ذلك رُبما أجده مُستقبلاً في أعمال أخرى لنجيب، أو عندما أقرأ الثلاثية مرة أخرى، فهي لا تُقرأ مرة واحدة أبداً، فمن الجلي والواضح أن كل مرة ستقرأ هذا العمل الخالد، سينكشف لك معنى كان متوارياً.

بكل تأكيد يُنصح بها.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق