قصر الشوق > مراجعات رواية قصر الشوق > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

قصر الشوق - نجيب محفوظ
تحميل الكتاب

قصر الشوق

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

"القراءة ملاذ من التعب لو تعلمين، شيء آخر يشغل عقله طيلة الوقت ولا يسلم منه وقت القراءة نفسه، شيء لا علاج له لا عندها ولا عند غيرنا من البشر، إنه مرض قلب يتعبد حائراً ولا يدري ماذا وراء عنائه يروم!"

رواية "قصر الشوق" هي الجزء الثاني من ثلاثية القاهرة، الملحمة الأدبية الشهيرة التي كتبها نجيب محفوظ لتتبع مصير مصر في خلفية التحول من الملكية والاحتلال إلى الجمهورية، ولكن بشكل أدق تتبع عائلة السيد أحمد عبد الجواد، وفي هذا الجزء الفلسفي أكثر من الجزء الأول، ولكنه يناقش مواضيع عديدة، شديدة العمق، وشديدة الحساسية، فكان التركيز ناشئ على ثلاث شخصيات، بعد خمسة سنوات من فاجعة "فهمي"، فكيف تأثرت بها العائلة؟ وهل غيرت فيهم شيء؟ أم من شب على شيء شاب عليه؟

"يخيل إلي أحيانًا أني أطمع إلى أمور تعجز الأرض عن حملها."

التتبع الأول الذي نرصده هو شخصية "السيد أحمد عبد الجواد" وإنكساره، فتلك الشخصية التي رأيتها في الجزء الأول، ستتعرض للذل وتتجرعه وتستلذ به، والسبب كان ليس شخصية "زنوبة" الطامعة في الزواج، ولكن كان كبر السن وما يفعله، يُريد "السيد" أن يكون سيداً للأبد، لا يعلم أن للعمر أحكام، فأصبح الخمر الذي كان يتجرعه كالهواء لو شرب منه زائداً عن الحد فيقع من طوله مريضاً، أصبح يتداعى ويتداعى، ولولا أنه قرر في لحظة ما أن ينتشل نفسه من الهوان، لأصبح حاله مثل الشخصية التالية التي سنتحدث عنها، فنجد أن الفرق بينهما هو فرق خبرة.

"لم أعد من سُكان هذا الكوكب، غريب أنا وينبغي أن أحيا حياة الغرباء."

التتبع الثاني هو شخصية "ياسين أحمد عبد الجواد"، تلك الشخصية هي أخنع شخصية ولكنك ستجد في منطقه واقعية لا بأس به، هو عدو الملل الأكبر، ما أن يظهر أمامه ما يُحرك شهواته ورغباته سيسعى حثيثاً للحصول عليه، سينزل إلى أسفل درجات الإنحطاط والقرف والذل، وبمجرد ما يحصل عليه يسأمه، ويمله، ليتحرك في ناحية شهوة جديدة أو رغبة حارقة أخرى، الزواج لم يقومه أو يصلحه أو يعدل من حاله، بل مقت الزواج، ولكنه ينجر فيه كالحمار كل مرة، بسبب دلال أو خطط شيطانية أو أياً كان، فأنه كالملسوع يهرول ناحية أي إمرأة لم يسقمها بعد! إنه النسخة الأسوأ من والده -إذا كان منطقياً أن نقول أن السيد شخصية جيدة، قابلة للنقاش- لا يتورع ولا يهدأ له بال حتى يُذل ويرمي بنفسه إلى التهلكة.

"أريد عالماً لا تُخدع فيه القلوب ولا تَخدع."

التتبع الثالث هو الذي نال نصيب الأسد من هذا الجزء، فقد كان الأكثر ثقلاً وفلسفةً، كان مع شخصية "كمال أحمد عبد الجواد"، كمال الذي رأيناه طفلاً في الجزء السابق، اشتد ساعده، وأصبح مُراهقاً، مُرهف الحس، عظيم الفكر، واسع الإطلاع، ونهم القراءة، فكيف تنطفأ جذوة اللهيب بداخله؟ بالطبع بالنضج! النضج يجعلك واقعياً، فستنهدم كل ثوابته، في والده وفي دينه وفي حبيبته، لشد ما انحرف من أقصى اليمين حتى أقصى اليسار مُتشدداً، فأصبح يحمل أوجاعاً في سن صغيرة تفوق قدرته، وأكثر من قرأ الرواية قد ضاق ذرعاً بكمال وهيامه الأفلاطوني بـ"عايدة"، ولشد ما كرهت الأحاديث الداخلية حولها، ولكني كنت أعلم أن الطامة الكبرى آتية لا محالة، كل ذلك الحُب سيذهب هباءاً، كل تلك الأحاسيس التي فرد لها "نجيب محفوظ" صفحات وفصول عديدة لكي تصل ستصبح ألماً، وخديعة، عزيزي كمال أهلاً بك في الحياة الواقعية، بعيداً عن كل الأحلام الوردية والمشاعر المُرهفة التي تتملكها، فتجده يتحول إلى نسخة أكثر تطرفاً، وأكثر جموحاً، فيهدم كل ثوابته، ويجعل من الفلسفة مُرشداً له.

ختاماً..

رُبما يكون الجزء الثاني أكثر فلسفة وعُمقاً من الجزء الأول، لكن الجزء الأول يملك بهاءاً ولماعاً لا يُمكن إنكاره، وليس معنى أنني اكتفيت بذكر هؤلاء الشخصيات الثلاثة فقط، أن الرواية لا تحمل أبعاداً غيرهم، بل تحمل أبعاداً عديدة، ولكن هؤلاء الثلاثة كانت أبرزهم، ولو اخترت شخصية بعدهم لاخترت شخصية "زنوبة" مثلاً، لأنها تمتلك أبعاداً مُختلفة ومنهجها في الحياة "الغاية تُبرر الوسيلة".

بكل تأكيد يُنصح بها.

* ملحوظة هامشية: من قام بدور كمال بالفيلم كان "نور الشريف" ومن المُفترض أن كمال لديه مشاكل مع شكله "حجم رأسه وأنفه"، فتخيل كم كان ساخراً ومُضحكاً أن ترى "نور الشريف" يقول بالفيلم المُقتبس نصاً: "أنا عارف أن مناخيري أكبر من رأسي"!!، والفيلم إجمالاً كان أفضل من الفيلم الأول، ولكنهم لا يزالون في منطقة بعيدة تماماً عن الرواية.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق